الأحوال في القصص الشعبية المتأخرة التي كتبت في الحق على نحو أسطورى، وحسبنا أن نأخذ على سبيل المثال قصة الزبير بطل سير بني هلال الذي لم يكن في حقيقة الأمر سوى المهلهل أخي كليب وائل صاحب اليد الطولى في حرب البسوس التي وقعت بين بكر وتغلب (يلقب الأغانى المهلهل بالزير، أي زائر النساء، جـ ٤، ص ١٤٣، س ١٣).
وأيام العرب كانت منذ القدم موضوعا محببا للأخباريين الذين كلفوا بأخبار العرب ومن بينها أيامهم، فقد ورد في الفهرست (المقالة الثالثة، الفن الأول) أسماء عدة كتّاب دونوا أيام العرب ووقائعهم كلها أو بعضها، ولم يصل إلينا واحد من مصنفاتهم وإنما الذي وصل إلينا جملة كبيرة من المقتطفات لبعض الكتاب المتأخرين، وقد أخذ معظم هؤلاء عن أبي عبيدة المتوفى عام ٢١٠ هـ (٨٢٥ م) ولم يذكر الفهرست عن هذا المصنف سوى عنوانه جـ ١، ص ٥٣ وما بعدها) وإن كان ابن خلكان قد ذكر بعض معلومات عن صاحبه (ابن خلكان، طبعة فستنفلد، رقم ٧٤١، وأخذ عنه الحاج خليفة جـ ١، ص ٤٤٩، ١٥١٣، انظر "علم أيام العرب")، ويقول هؤلاء إن أبا عبيدة خلف كتابين في موضوعنا هذا أحدهما موجز تحدث فيه عن سبعة وخمسين يوما وآخر مسهب فصل فيه الكلام عن ألف يوم ومائتين.
ووردت المعلومات الخاصة بأيام العرب في مصنفات المتأخرين شذرات متناثرة أو فصولا كاملة متصلة السياق. ومن أمثلة الشذرات ما أورده التبريزى في شرحه للحماسة وما ذكره الإصفهانى في كتاب الأغانى، وقد استشهد بها هذان المؤلفان في إيضاح الحوادث التي ذكرت في الشعر القديم وفي الكتب التي جمعت الأمثال وفي المصنفات التي اقتصرت على تقويم البلدان كالبكرى وياقوت، ومن أمثلة الفصول ما ورد في كتاب العقد الفريد لابن عبد ربه (جـ ٣، ص ٦١، وما