وتوفى العادل سنة ٦١٥ هـ (١٢١٨ م) في الوقت الذي بدأ فيه هجوم الصليبيين على دمياط بين الحملة الصليبية الرابعة والحملة الخامسة، واضطر ابنه الكامل الذي خلفه في حكم مصر إلى التقهقر أمام الصليبيين لفتنة نشبت بين جنوده. واستولى الصليبيون على دمياط، ولكن جيوش الأيوبيين المتحدة صمدت للصليبيين وأوقفت تقدمهم واستعادت من قبضتهم المدينة الوحيدة التي فتحوها.
وخاف الكامل دسائس أخيه المعظم الذي كان يحكم دمشق فأخذ في مفاوضة الإمبراطور فردريك الثاني. وقبل أن يبدأ فردريك الحملة الصليبية الخامسة توفي المعظم، وقرر الكامل أن يخلع الناصر بن المعظم وأن يولى مكانه على حكم دمشق الأشرف أخا الكامل الذي كان يحكم بلاد الجزيرة وكان الكامل يثق فيه ويعتمد عليه.
على أن فردريك نجح بفضل حسن سياسته في إقناع الكامل بأن يسلم إليه بيت المقدس وممرا صغيرًا من الأرض يصلها بالبحر. ووعد الكامل لقاء هذا أن يعينه على أعدائه جميعًا، وأن يحول دون تقوية الدويلات التي كانت في شمال الشام، وفي سنة ٦٢٦ هـ (١٢٢٩ م) تمت بينهما هذه المعاهدة المشهورة التي سخط عليها المسلمون والمسيحيون جميعًا.
وأظهر الكامل براعة فائقة في إيقاف المنافسات التي اشتدت بين صغار الأيوبيين بأن وجه قواهم جميعًا إلى قتال عدو مشترك في الخارج، على أن تغلبه على سلاجقة قونية أثار حفيظتهم من جديد فتحالفوا ضده وانضم إليهم الأشرف صاحب دمشق. وتوفى الأشرف قبل أن تظهر جيوش الكامل أمام دمشق واضطر أخوه الصالح إسماعيل إلى تسليم المدينة. ولكن الكامل نزل به قضاء الله على أثر ذلك، وبدأت بوفاته نهاية الأيوبيين لأن القتال نشب بينهم جميعًا: ففي مصر كان العادل ابن الكامل قد نودى به خلفا لأبيه ولكن أخاه الأكبر الصالح أيوب خلعه عن عرشها، وفي الشام استعاد الصالح إسماعيل دمشق وعقد حلفا بينه وبين دويلات أخرى صغيرة ضد