يتناول ابن اياس فى هذا المجلد عصر السلطان الغورى منذ بدايته، باسهاب وافاضة، ويدون حوادثه شهرا فشهرا، ويوما فيوما تقريبا، ويتحدث عن كل ما يتعلق بالسياسة والحرب والبلاط والحكومة والأمن والقضاء والوظائف والشئون المالية والاقتصادية، ويتتبع بالأخص علائق البلاط القاهرى بالبلاط العثمانى. ويبدو جليا من روايته أن بلاط القاهرة، كان يشعر بأن خطر الفتح التركى لمصر غدا قريب الانقضاض. ويصانع بلاط قسطنطينية ما استطاع سبيلا إلى ذلك (ص ٢٨٩) وكان سلطان الترك سليم الأول من جانبه يخادع سلطان مصر ويهاديه ويراسله (ص ٢٠٠ و ٣٨٤) على أن بلاط القاهرة لم يخدع ولم يطمئن. بل كان الغورى دائب الاهبة والاستعداد, ولكن الانحلال كان يسود شئون مصر يومئذ، وكانت الثورات الداخلية تفت فى نظمها وأهبتها، وكان الفساد يقضم أسس نظمها العامة سواء فى الادارة أو القضاء (ص ٢٤٩، ٢٥٦، ٢٥٧, ٢٦٤). ويتحدث ابن إياس عن مقدمات الفتح، ويذكر كيف أن أميرا مصريا نقم على السلطان وفر إلى القسطنطينية ونقل إلى سليم الأول أخبار مصر وأحوالها. وأطلعه على قواتها واأسرار دفاعها، وحدثه عما يسودها من الاضطراب والضعف. ثم يقول: فعندئد طمعت آمال ابن عثمان أن يملك مصر، والله تعالى غالب على أمره" مما يدل بان المجتمع القاهرى كان يشعر بدنو النكبة وانقضاضها (ص ٤٧١, ٤٧٣). محمد عبد الله عنان