الصليبية أو الخوف من التعرض لهجمات مفاجئة من الأسباب التي أدت إلى إثارة أزمات، كما حدث عندما قبض عام ١٢١٥ م على ثلاثة آلاف تاجر اجتمعوا في الإسكندية ثم أخلى سبيلهم، ومع هذا فقد استؤنفت العلاقات حتى بعد الحملة الصليبية على دمياط (كما يتضح دلك ضمن أمور أخرى من وثيقة خاصة بالإعفاء محررة باللغة العربية من الكامل إلى البنادقة، وقد أعدها للنشر صبحى لبيب) واستمرت قائمة في الغالب، دون أن يتخللها انقطاع، حتى منتصف القرن.
وكانت السيادة في البحر المتوسط للإيطاليين، وكان دور مصر في التجارة معهم سلبيا خالصا، ولم تكن تجنى من الربح إلا ما يعود عليها من الضريبة والعمولة، ومع ذلك فقد حرم على الإيطاليين النفاذ إلى البحر الأحمر، وظلت تجارة المحيط الهندى مقصورة على رعايا الولايات الإسلامية (أو الهندية).
ولسنا في موقف يتيح لنا أن نحدد بالضبط الدور الذي قام به المصريون أو اليمنيون أو غيرهم من الشعوب الشرقية. يضاف إلى هذا أن طبيعة التجار المعروفين باسم الكارمية، وهم الإخصائيون بمصر وعدن في تجارة المنتجات المستوردة من المحيط الهندى وبخاصة الأفاويه، لا تزال يكتنفها الغموض. ويبدو أنهم ظهروا لأول مرة أيام الفاطميين، بيد أنهم برزوا بالفعل في عصر الأيوبيين ليقوموا بالدور الذي اقتصر عليهم بنوع خاص في القرن التالي (انظر التوضيحات الصحفية التي أمد بها كوتين Goitein وفيشل Fischel - صحيفة Journal of the - Economic and Social History of the Ori ent سنة ١٩٥٨؛ Les archands: G.Wiet 'Epices، في Cahiers d, historie Egyptienne سنة ١٩٥٥). ولعل الدافع الأول لاحتلال اليمن كان كف أنصار عودة الحكم الفاطمى أو الحصول على ملجأ أمين للأيوبيين هناك آخر الأمر، وإن كان الهدف منه أيضًا هو ولا ريب تحسين العلاقات التجارية بين اليمن ومصر، وهذا ما حدث بالفعل. وهذه العلاقات أساسية بالنسبة للطرفين خصوصا بعد أن اتفقا على التعامل