أبناء تلك الأسرة بالتصاهر والعمل على حماية أنفسهم من سلاطين مصر بطلب العون حينا من الأيوبيين في الجزيرة وحمص وحماة، وحينا من سلاجقة الروم، وكانوا بطبيعة الحال يتحالفون في بعض الأوقات مع طرف من هؤلاء على الطرف الذي يتجاوز الحدود في جوره. أضف إلى هذا أن مطامع مملكة قيليقية الأرمنية قد أزعجتهم أيضًا فتدخلوا ضدها مرارا مع السلاجقة ومدوا يد العون إلى أمراء الفرنجة الأنطاكيين الأضعف شأنا. وأدت سياسة المسالمة مع الفرنجة إلى نتيجة طبيعية قصدوا إليها وهي استئناف العلاقات التجارية مع الإيطاليين ودعمها (ومع الفرنسيين في الجنوب والقطالونيين وقتذاك بدرجة أقل). وكانت سفن جنوة وبيزة والبندقية، حتى قبل أن تبرم معها معاهدات رسمية من جديد، تسافر إلى الإسكندرية بعد الحرب الصليبية الثالثة كما كانت تفعل من قبل، وإلى دمياط وإن كانت رحلاتها إليها أقل، ويتضح ذلك من الوثائق الخاصة في محفوظات البندقية وجنوة. وفي عهد العادل أيدت سلسلة من الاتفاقات حقوق هذه الدول في تخفيض المكوس والتمتع بتسهيلات إدارية وقضائية. يضاف إلى هذا أن سهولة الوصول إلى إمارة حلب بحرا أن إلى أن التجار الأيطاليين لم يعودوا يقصرون نشاطهم، حتى في الشام، على موانى الفرنجة، بل أخذوا ينزلون في اللاذقية ويغشون بانتظام أسواق حلب ودمشق، ويبدو أن وليام سيينولا Spinola. وهو من الشخصيات الهامة في جنوة، كانت له حظوة خاصة لدى العادل، وكان يصحبه وهو يفتش على ضياعه (ويمكن ملاحظة هذا لدى عقد مقارنة بين حوليات جنوة - Annals of Ge noa التي استشهد بها شاوبه Schaube في كتابه - Handelsgeschichte der Mittelm eer-Romanen ص ١٢١، وابن نظيف المذكور في Amari: المكتبة الصقلية العربية، جـ ٢، الملحق، ص ٣٥ وكان غير معروف لدى شاوبه Schaube).
وكانت مصر تبيع لأوربا بعض منتجاتها، وأهمها وقتذاك حجر الشب فيما يظهر، فضلا عن منتجات المحيط الهندى التي تمر بأراضيها سلعا عابرة. ومن الطبيعي أن تكون الحروب