واشتهر ابن شكر، وزير العادل العظيم بكفاءته العالية وسلوكه الذي لم يكن يحيد فيه عن الحق قيد أنملة مع الجميع على السواء حدى مع السلطان نفسه. واحتفظ بعده الكامل برقابة صارمة مماثلة على النفقات والموارد (وتشمل إقطاع الأمراء) وترك عند وفاته ثروة طائلة تكاد تعادل ميزانية عام بأسره. وفيما يختص بمصر يتضح من البحث الذي قام به النابلسي في الفيوم، بالرغم من أنه يرجع إلى عام ٦٤٢ هـ، مدى دقة المساحة التقييمية والحسابات (انظر Le rbgie des impots: CI. Cahen Arabica Lso dans le Fayyum Ayyubide جـ ١/ ٣، سنة ١٩٥٦). أما عن الإمارات الشمالية فقد ترك لنا ابن شداد بيانات عن الضرائب في حلب ومنبج وسروج وبالس. وقد أدت العناية بالمسائل المالية والاقتصاد إلى تيسير سك الدنانير من جديد على نطاق واسع بالمعيار العدى المعهود قبل صلاح الدين، ومع ذلك يبدو أنه كان من الصعب منع تسرب السكة الفضية أمام السكة النحاسية (- De Boiiard L'ev olution mon&taire de I'Egypte medievale في L'Egypte Contemporaine سنة ١٩٣٩).
ولم تتعرض للتاريخ الداخلى للإمارات الأيوبية إلا دراسات قليلة، ومع ذلك فمن الضروري أن يعرف الناس ما حدث في مصر بخاصه إذ وضعت في هذا العصر أسس النظام الذي أبقى عليه المماليك قرنين من الزمان، وإن كانوا في الواقع لم يفعلوا أكثر من إطالة عمره وسد ما فيه من ثغرات، ولتحقيق هذا قطعوا الصلة جزئيا بماضى الفاطميين وعملوا بتقاليد السلاجقة وآل زنكى الشائعة في أقصى ربوع آسية، واحتفظوا في الوقت نفسه بالتراث المصري كشئ لا بد منه وابتدعوا نظما جديدة تناسب البلاد، وطبيعى أن من العسير التعرض هنا لهذا الموضوع، وحسب الباحث أن يسجل بضع إشارات عابرة.
وكان نظام الدولة الأيوبية حتى السنوات الأخيرة من عهد الكامل تقريبا، يقوم على اتحاد أسرى شبه إقطاعى ولا يختلف عن نظام دولة بنى بويه مثلًا، ويشبه بدرجة أقل، نظام دولة السلاجقة وآل زنكى. فقد وزع