عدد معين من الأقاليم -تحت إمرة سلطان يدين له الجميع بالولاء- على"أمراء تجمعهم رابطة الدم" تابعين له، ويتمتعون باستقلال ذاتى كامل في إدارة هذه البلاد، بصرف النظر عن القيود التي يفرضها الولاء العسكري للحاكم (انظر على سبيل المثال البراءة التي أصدرها الكامل لتولية أحد أمراء حماة والمحفوظة في أخبار ابن أبي الدم (مكتبة جامعة أكسفورد، مارش ٦٠). وانتظمت تلك الإمارات المقطعة إقطاعات أصغر وزعت بدورها على أمراء من أقارب الدرجة الثانية، أو على بعض كبار الضباط ممن يدينون بالولاء للأمير التابع للسلطان، وطبيعى أن تزداد القيود على استقلالهم الفعلى. غير أن الإقطاع العسكري بمعنى الكلمة، وهو ما سوف نتحدث عنه فيما بعد، لم يوجد إلا في طبقة أدنى من ذلك مرتبة. ومهما يكن من أمر فإن هذا النظام بدأ يتعرض لبعض التعديل حوالي نهاية عهد الكامل، وحدث هذا عندما اشتد الصراع بين أفراد الأسرة فاضطر السلطان، وكان يمثله أثناء غيابه في مص نائب يختار من أفراد أسرته حينا ومن غيرهم حينا آخر، أن يستبدل بالأمراء في الولايات الأسيوية عمالا، يختارون من بين أتباعهم، كما حدث مثلًا عند تعيين شمس الدين صواب في ديار بكر، ويظاهرون أميرا صغيرًا أو لايفعلون، ويطلق على كل منهم لقب نائب، وهو يؤكد تبعيتهم أكثر من أي لقب آخر. وليس من شك في أن الظروف التي أعاد فيها الصالح أيوب وحدة الأسرة الأيوبية بعد وفاة الكامل قد أدت إلى انتصار مبدأ المركزية، يضاف إلى هذا أنه لم تكن هناك على الإطلاق إقطاعات مستقلة ذاتيا في مصر اللهم إلا ما منح منها بصفة استثنائية وبإجراء مؤقت صرف (كما في الفيوم مثلًا). ومن جهة أخرى فإن كل الأمراء الذين كانوا يتمتعون بالاستقلال الذاتى في آسية كانوا يحملون لقب سلطان، مثل صاحب الأمر في مصر، وإن كان صلاح الدين لم يطلق على نفسه رسميا هذا اللقب قط، ولعل هذا يرجع إلى ارتباطه بلقب وزير المتوارث عن الفاطميين، بل إن التابعين من الأيوبيين آثروا أن يحملوا لقب ملك.
ولم يتوحد قط تنظيم الولايات الأيوبية من حيث هو ثمرة طبيعية