الأتراك الذين كانوا من الحنفية، وعلى الرغم من أن هذا لا يمكن أن يكون السبب في أن الأتراك كانوا أقل تسامحا، فإن النتيجة مع ذلك كان يمكن أن تؤدى إلى قلة احتكاك الأيوبيين بأهل الورع الذين نذروا حياتهم لرسالة السلاجقة. ومهما يكن من أمر فإن المعظم وابنه داود كانا من الحنفية، ولعل هذا يفسر إلى حد ما صراعهما مع الكامل، فمثلا يبدو أنهما ولا شك يمثلان من الناحية المذهبية الطرف العنيد في التعامل مع فردريك الثاني.
ويمكن القول بصفة عامة أن النصارى واليهود لم يكن لديهم أيضًا فيما يبدو ما يدعو للشكوى من البيت الأيوبى. والدافع سياسى لا عقائدى كما هو الحال دائما أو يكاد عندما يقع استثناء. وليس من شك في أن الاحتلال الأيوبى أضر بالظروف الاستثنائية المرضية التي كان يعيش فيها الأرمن في عهد آخر الخلفاء الفاطميين، ومع ذلك فإن الأقباط أفادوا من هذه المصادرات. وشبيه بهذا ما حدث عندما استعاد صلاح الدين بيت المقدس، فقد آثر بعطفه تلك الوظائف نصارى المدينة (انظر بين مصادر أخرى- In digenes et Croises,: CI. Cahen un me decin d'Amaury et de Saladin في Syria سنة ١٩٣٤؛ Etiopi in: E.Cerull Palestina جـ ا، رومة سنة ١٩٤٣).
وكان عهد الأيوبيين في مصر عصرا انتعشت فيه الكنيسة القبطية، وإذا وقع توتر فإن هذا كان يحدث بوجه عام نتيجة حتمية للحروب الصليبية إذا خشى وجود تواطؤ، مثلًا، بين الملكانيين واللاتين، وفي رأينا أن الإذن الصادر من الأيوبيين لبعثات المبشرين من الدومينكان والفرنشسمكان بدخول مملكتهم على شريطة ألا يقوموا بأى محاولة لتنصير المسلمين، يدل بجلاء على أنه لم يكن من الضرورى في الظروف العادية، على آية حال، تحريم الاتصال بين النصارى من الأهالى واللاتين، والحق إن إجراءات التفرقة التقليدية التي تتخذ مع غير المسلمين كانت تبعث للحياة من وقت لآخر. (انظر Saladin and the: E. Ashtor Strauss Hcbrew Union College Annual -s Jews سنة ١٩٥٦، ص ٣٠٥ - ٣٢٦).
ولا شك أن المناخ يقدم لنا تفسيرا جزئيا لانتعاش الحياة الثقافية في بلاد