هم وكبار عمالهم لزيادة عدد المدارس في الشام والجزيرة وإدخالها في مصر. ويبدو أن الصالح أيوب كان أول من ابتكر مدرسة من نوع جديد، هي مدرسة للمذاهب الأربعة وتضم بين مبانيها ضريحا لمؤسسها. ومن جهة أخرى رحب الأيوبيون بالطرق الصوفية التي نشأت في الشرق في كثير من الأحيان، وشيدوا لها عدة خانقاوات يديرها شيخ الشيوخ. ومن الشواهد الأعم من ذلك أنه كان يلتف حولهم عدد قليل جدًّا من المهاجرين من أصل إيرانى قريب أو بعيد يحيطون بهم، كما كانوا يفعلون في عهد السلاجقة وآل زنكى، وبخاصة في مجالات الحياة الفكرية المؤثرة، ويبدو أنه كان هناك اتجاه إلى إشراك القضاة والدوائر الدينية على نطاق أوسع في الحكومة. وقد اشتهرت بصفة خاصة في عهدهم الأسرة المعروفة باسم "أولاد الشيخ" وهي من أصل خراسانى والتي نجحت في أن تكون ممثلة إلى حد كبير في الطوائف العسكرية والدينية الشرعية والإدارية، وهذا يخالف ما جرى عليه العمل من تحديد الاختصاصات بينها تحديدا يكاد يكون شاملا، وذلك بصفة خاصة في حالة الوزير معين الدين وشقيقه الأمير فخر الدين الذي قام بمهام نائب الملك فترة قصيرة قبل مصرعه في واقعة المنصورة.
ومع ذلك فإننا نلاحظ ولا شك أن الأيوبيين كانوا أكثر مرونة في سلوكهم إذا قارناه بسلوك السلاجقة، وليس من شك في أن هذه المرونة ترتبط بالهدف العام من تخفيف حدة التوتر التي أشرنا إليها من قبل في السياسة التي انتهجوها نحو الفرنجة. ولكن لا بد من الاعتراف بأن آل زنكى قد أضعفوا شوكة الزنادقة في الشام بحيث لم تعد هناك ضرورة لمحاربتهم، وأن مذهب الإسماعيلية في مصر لم يكد يترك فيما يبدو من يأسف عليه. ومها يكن من أمر فإن حكومة الظاهر غازى في حلب قد لطخت أيديها بدماء الصوفى الإيراني سهروردى مقتول الذي أعدم إبان حياة صلاح الدين، ولكن هذه والحق يقال كانت حالة فردية لم تتكرر أبدا، وأن هذا الإجراء طالبت باتخاذه الدوائر الدينية في حلب. وكان معظم الأيوبيين من الشافعية، وهم يخالفون في هذا