الأيوبى لا يختلف كثيرا عن وجود الأكراد إلى جانب الأتراك في نظام آل زنكى، ويخيل إلينا أن النظامين مرتبطان ارتباطا نهجيا وفكريا إذا ما وضعنا في الاعتبار النتائج المترتبة على ظروف البيئة. ومع دلك فالراجح انه ليس من قبيل المصادفة أن يسعى الأيوبيون إلى توسيع رقعة مملكتهم حتى ديار بكر وأخلاط، أي إلى بلادهم التي نشأوا فيها أو على الأقل إلى بلد كردى لضمان استمرار تجنيد الأكراد. ومهما يكن من أمر، فقد امتزج الدم التركى والكردى في الأجيال المتعاقبة من الأسرة القائمة. وسوف نرى أن النظام تجرد في أخريات أيامه من صورته الكردية.
وقد كان الأيوبيون، على أية حال، من المسلمين الغيورين على مذهب أهل السنة مثل آل زنكى وغيرهم من المعاصرين، وكانوا يعملون تحت لواء السلطان لنصرة دين الإسلام الحنيف. وهذا الموقف أماط اللثام عنه، أولًا وقبل كل شيء، إعادة مصر إلى طاعة البيت العباسى. وظهر بجلاء في وقت أعاد فيه الخليفة الناصر للخلافة قدرا من هيبتهما المفقودة، وذلك بإعرابه عن احترام آراء البيت الأيوبى لها والاتفاق معهما في وجهات النظر التي لم تكن مجرد أقوال لا تستند إلى واقع، ولم تقلل بطبيعة الحال من الاستقلال الذاتى للأيوبيين، وقد أدى هذا الموقف -مثلًا- إلى توسط سفراء للخليفة -أمثال ابن الجوزي- مرارا في حسم ما ينشأ من منازعات. يضاف إلى هذا أن الأيوبيين، شأنهم في هذا شأن غيرهم من حكام ذلك العصر، انضموا إلى هذا الضرب من نظام الفتوة الذي حاول به الناصر أن يمسك بزمام الطبقات الدنيا بين يديه، وأن يدعم في الوقت نفسه حكمه، ويؤكد سلطانه الأدبى على طبقة الأشراف، وكان يأمل أن يشرك معه الأمراء في الاضطلاع بهذه المهمة، وذلك لوصلهم به وتمكينهم من انتهاج مسلك مماثل مع رعاياهم (انظر آخر تقييم لهذا الموضوع بقلم Die Futuwwa etc. Tr- Taeschner في Schweizerisches Archic for Volkskunder جـ ٥٣، سنة ١٩٥٦).
كما يتضح الموقف السنى الذي درج عليه الأيوبيون من تشجيعهم العظيم