ليراقب بنفسه جباية الضريبة المفروضة (ومن هنا كانت صعوبة الاحتفاظ بجيش في الميدان لفترة طويلة). ونستطيع أن نقول بعامة إن إقطاع كبار الأمراء كان يتألف من قطع متباعدة من الأرض، وكان ينص على عدد الرجال الذين يستطيع أمير الإقطاع الاحتفاظ بهم (وكذلك الحال فيما يختص بإمارات الأيوبيين في الشام): وأصبح من المألوف - وهو أمر لم يكن معروفا حتى ذلك الوقت- أن يتحدث الناس عن أمراء العشرة والمائة من الرجال .. إلخ (انظر L'evolution de I'ikta: CI. Gahen , في حوليات ESC، سنة ١٩٥٣).
ومن العوامل التي أضعفت هذا الجيش أن فرقه المختلفة التي يتألف منها كانت تفتقر إلى الموحدة وتغار من بعضها البعض. ومن اليسير أن نجد آثارا قليلة للعداوة القائمة على العصبية بين الاكراد والأتراك. وكان أهم عامل في إشعال نيران العداوة هو نزوع كل حاكم إلى تكوين فرقة من الجند، يجندها لنفسه، ومن ثم تقف جهودها على نصرة قضيته. ومهما يكن من أمر فإن إختفاء حاكم من مسرح الأحداث لم يكن يؤدى بالضرورة إلى حل الفرقة أو الفرق التي ألفها، إذ كانت تهيمن على أفرادها روح تضامن مشتركة في مواجهة الخطر يحفزها الخوف من فرق الجند الجديدة. وكان للتنافس بين فرق الأسدية (نسبة إلى أسد الدين شيركوه) والصلاحية والعادلية والكاملية والأشرفية إلخ .. شأن كبير في النزاع بين المطالبين بالعرش من الأيوبيين.
واختتم الأيوبيون سياستهم العسكرية بتشييد حصون منيعة في الحضر (حلب، القاهرة .. لخ) والريف على السواء، وهي حصون أقاموها لتقف بصفة خاصة على قدم المساواة مع حصون الصليبيين.
وكانت هناك مسألة تخطر بالذهن أحيانا، وهي: إلى أي حد يمكن رد بعض ما يمتاز به الأيوبيون من صفات إلى "كرديتهم"؟ وليس من شك في أن الاعتبارات التي من هذا النوع ترجع في الكثير من الأحيان إلى الأهواء المبذولة والمعلومات الزائفة، وفي رأينا أن وجود الأتراك إلى جانب الأكراد في النظام