نظام ابتدعه العهد الأيوبى هو نظام "الشد"، وكان يقوم بهذه المهمة المُشدّ، وكانت الإدارة تعتمد بطبيعة الحال على موظفين من أهل البلاد، ولم يكن كل ديوان يحظى بالثقة الكافية أو بتعبير آخر لم تكن له سلطة كافية تجعل قراراته نافذة على الموظفين من ذوي النفوذ وبخاصة العسكريين منهم، ولذلك ألحق بكل ديوان، وربما ألحق بالدواوين مجتمعة باعتبارها كلا لا يتجزأ، مشد أي أمير يعهد إليه بالإشراف على الإدارة المدنية العادية ويدعمها بمجندين عسكريين من عندياته.
ويبدو أن الجيش كان يتألف من فرق للجند تعادل على الأقل مثيلاتها في عهد صلاح الدين، ومن الطبيعي أن يكون من اليسير زيادة عدد جنده عند الحاجة بتوزيع إقطاعات جديدة بصفة مؤقتة، وعلى الرغم من أن دفع الأعطيات أو توزيع الأموال مباشرة لم يختفيا تماما فإن إقطاع الأرض كان مع ذلك المصدر الرئيسى لتمويل الجيش أو لدخل الأمراء على الأقل. صحيح أن إقطاع الأرض في عهد الأيوبيين كان مرتبطا بالتقاليد الفاطمية والسلجوقية معا ولكنه لم يكن مطابقا تماما، وبخاصة في مصر، لأى واحد من هذين النموذجين، فقد كان أكثر حرية من الناحية الاقتصادية من الإقطاع الفاطمى، بمعنى أنه لم يعد يخضع لضرائب العشور، ومع ذلك فإنه إذا قورن بالإقطاع عند آل زنكى- وكان يخول أمير الإقطاع التمتع بنوع من الاستقلال الذاتى والسيادة على أرضه - يعد أوثق ارتباطا بالإدارة الحكومية. وعلى الرغم من أن أمير الإقطاع كانت له الحرية في بعض مفردات الصرف فإنه في الواقع لم تكن له حقوق إدارية فهو مجرد صاحب حق في دخل محدد لا يتوقف مقداره عليه، ويمكن سحبه منه أو تحويله لأى مكان آخر في أي وقت. وكان هذا الدخل يحسب طبقا لتقدير معين يسمى "العبرة"، وبوحدة حسابية هي "الدينار الجيشى"، وكان قوامه جمعا خاصا بين أداءين: أداء نقدى وأداء عينى على المحصولات. ومهما يكن من أمر فإنه يمكن القول بوجه عام أن من يهمه الأمر كان يضطر وقت المحصول إلى أن يذهب