عرف قدره عندما اشترك معه في قيادة أسطول صلاح الدين واستعان به الكامل فترة، بيد أنه تولى بعد ذلك إدارة شئون الحكم بنفسه مستعينا ببعض كبار الموظفين الذين كان يطلق عليهم أحيانا لقب نائب الوزارة، غير أن هذا اللقب لم يطلق عليهم بصفة دائمة. واختار الصالح أيوب من بعده أحد "أولاد الشيخ" وزيرا له، وسوف نتحدث عنهم بعد. وكان للأمراء القصّر واليتامى أتابك. وكان الأستاذ دار، وهو المشرف على بيت السلطان، يقوم بدور سياسى كبير.
وكانت الإدارة المركزية فيما دون الأمير والوزير، موزعة على الدواوين التي كانت تختلف بعض الاختلاف عن الدواوين في العهد الفاطمى من ناحية الأسماء والاختصاصات على السواء. وظل نظام الحكم يعمل على تدعيم الجيش، ومن هنا كانت أهمية "ديوان الجيوش" وكان قسم منه خاصا بالإقطاع وله بهذه المثابة اختصاص يماثل إلى حد ما اختصاص ديوان المالية الذي كان يتبعه كل ما يتعلق بالضرائب والدخل والمصروفات وبيت المال، وخصص فيه قسم لتدبير أموال "الباب" نفسه، وفي رسالة ابن المماتى وصف تفصيلى اقتصر عليه وحده دون باقي الدواوين. والديوان الثالث الكبير البارز بين الدواوين المذكورة من بعض الوجوه هو"ديوان الإنشاء" وكان يختص بتدبيج الرسائل وتحرير البراءات، وتولى رئاسة هذا الديوان- الذي حظى بأكبر قدر من الشهرة- القاضي الفاضل، وقد وقع عليه الاختيار من بين أعوان النظام الفاطمى (كان عماد الدين الأصفهانى الذي يضارعه في الأدب كاتب سر صلاح الدين). وأخيرا كان هناك على هامش هذا الإطار ديوان لا يقل أهمية عن أمثاله وهو"ديوان الحبوس" الذي ورد في رسالة النابلسي. ومن الطبيعي أن يتمتع هذا الديوان باستقلال ذاتى كامل أمام الدواوين التي ذكرناها آنفا. واختار الأيوبيون الطغراء السلجوقية وحرفوها (: CI.Gahen في BSOAS، جـ ١/ ١٤، ص ٤٢). واقتضى العمل في هذه الدواوين الاستعانة بأعداد كبيرة من الوثائق والموظفين، وكان هؤلاء يراقب بعضهم بعضا. ويبدو أن أعجب