في العام التالي فهاجمه الأزابكة من جديد وهزموه في بخارى ثم في غَجْدوان واضطروه إلى أن ينسحب إلى كابل سنة ٩٢٠ هـ (١٥١٤ م)، وعلى أثر ذلك عدل بابر عن فتح الشمال وبدأ يحقق الخطة التي نضجت عنده منذ زمن طويل وهي تأسيس دولة له في الهند بعد أن فتح قندهار سنة ٩٢٨ هـ (١٥٢٢ م). وكان إبراهيم لودى سلطان دهلى قد نشب النزاع بينه وبين زعماء الأفغان، فاستغل بابر هذه الفرصة واستولى على لاهور سنة ٩٣٠ هـ (١٥٢٤ م) ثم تولى ملك إبراهيم بعد أن انتصر عليه في وقعة بانيت التي حدثت في يوم الجمعة ٨ من رجب سنة ٩٣٢ هـ (٢٠ إبريل سنة ١٥٢٦ م) وقتل إبراهيم في هذه الوقعة. واتخذ بابر "آكَرا" حاضرة لملكه. واضطر إلى محاربة الزعيم الراجبوتي "رانسنكَه" أمير "جيتور" وأفغان جاونبور وملك البنغال: وتوفى بابر بالقرب من آكَرا في ٦ من جمادى الأولى سنة ٩٣٧ هـ (٢٦ ديسمبر سنة ١٥٣٠ م) وخلفه في الملك ابنه الأكبر "همايون".
وكان بابر قائدا جسورًا ذا شجاعة لا تبارى، ولما تسلق أسوار سمرقند واستولى عليها للمرة الثانية لم يكن معه إلا ٢٤٠ رجلًا. وكان عبوره لجبال هندوكش في عز الشتاء من الأعمال العظيمة. وقد وصف الهند وصفًا يدل على شدة عنايته بالتاريخ الطبيعي. وكان بابر شاعرًا صنف ديوانًا بالتركية "ديوان تركى" ومجموعة من المثنويات تسمى "مبين" (انظر Berezine: Chrestomathie Zeitschr. d. Deutsch Morgenl: Sprenger, turqure Gesellsch. جـ ١٦، سنة ١٨٦٢ ص ٨٧).
وخلف بابر أيضًا وصفًا لمغامراته في مذكراته (بابر نامه) التي كتبها بالتركية أو باللغة الجغتائية. ويظهر من اختلاف الأسلوب أن هذه المذكرات لا بد أن يكون أملاها المؤلف على نساخ ثلاثة متعاقبين، وقد نشر نصها إلمنسكى Ilminski في قازان سنة ١٨٥٧ م من