عبد الدايم المقدسى، ونجم (١) الدين بن عساكر زينب بنت مكى وغيرهم.
وأتم دراسته ولما يبلغ العشرين من عمره، ولما توفى والده عام ٦٨١ هـ (١٢٨٢ م) خلفه فى تدريس الفقه الحنبلى، وكان يفسر القرآن على كرسى من حفظه يوم الجمعة من كل أسبوع، وبرع فى علوم القرآن والحديث والفقه والكلام وغير ذلك. ولقد دافع عن سنن السلف الصالح من المسلمين بأدلة لم يسبق إليها، مع أنها مستقاة من القرآن والحديث، ولكن حريته فى الجدل والمناظرة جلبت عليه عداوة الكثيرين من علماء المذاهب الثلاثة الأخرى؛ وحج إلى مكة عام ٦٩١ هـ (١٢٩٢) ولماكان فى القاهرة فى ربيع الأول عام ٦٩٩ هـ (١٢٩٩ م) أو ٦٩٨ هـ أفتى فى مسألة جاءته من حماة عن صفات الله بما ألَّب عليه علماء الشافعية وأغضب الرأى العام، فكان جزاؤه الحرمان من منصب التدريس، ومع ذلك فقد عهد إليه فى العام نفسه الحض على جهاد التتار، ولهذا السبب شخص فى العام التالى إلى القاهرة، وشهد بصفته هذه وقعة شَقْحَب التى انتصر فيها المسلمون على التتار بالقرب من دمشق، وقاتل ابن تيمية عام ٧٠٤ هـ (١٣٠٥ م) الكَسْرَوانيين فى بلاد الشام بما فيهم الإسماعيلية والنصيرية والحاكمية الذين كانوا يعتقدون بعصمة على بن أبى طالب ويرمون الصحابة بالكفر، والذين كانوا لا يقيمون الصلاة ولا يصومون، والذين كانوا يأكلون لحم الخنزير إلخ (مرعى: كواكب، ص ١٥٥) ثم ذهب عام ٧٠٥ هـ (١٣٠٦ - ١٣٠٧ م) إلى القاهرة صحبة قاضى الشافعية، وشهد فيها خمس مرات مجالس القضاة والأعيان بقاعة الحضرة السلطانية - وهناك اتهمه القاضى بالقول بالتجسيم، فحكم عليه بأن يلقى هو وأخواه فى الجب بقلعة الجبل، وبقى فيه سنة ونصف سنة؛ وفى شوال عام ٨٠٧ هـ (١٣٠٨) نوقش فى مسألة كتبها فى الرد على مذهب "الاتحادية" إلا أن الحجج التى جاء بها لم تلبث أن جردت خصومه من أسلحتهم، وصدر
(١) مجد الدين بن عساكر، فى الفوات، جـ ١، ص ٤٤، طبعة القاهرة عام ١٢٨٣ هـ