للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الشخصيات آملا أن يتقرب بذلك إلى الخليفة.

على أنه لم ينل في هذا السبيل إلَّا أقل النجاح مع ابن الزيات، فاستعاض عن خيبته معه باللحاق بأسرة من قبيله هي أسرة بنى حُمَيد، وكان بعض أفرادها قد استقر في بغداد، وأهدى بعض قصائده إلى زعيمهم أبي نَهْشَل، ثم غادر العراق في الوقت الذي غادره فيه أبو تمام سنة ٢٣٠ هـ (٨٤٤) ليعود إلى الثغري الذي كان وقتذاك في الموصل.

ولم يحزن البحترى على وفاة أبي تمام سنة ٢٣١ هـ (٨٤٥ م) على خلاف كل التوقعات، مع أن أبا تمام كان هو أول من شجعه وأول من دربه على قول الشعر، وكان هذا هو أول مثل على جحود. ووصوليته اللذين أكدهما بالدليل الوافر من بعد.

وما إن تولى المتوكل الخلافة حتى عاد البحترى إلى بغداد، واستطاع بفضل وساطة ابن المنجّم الحميدة أن ينال الحظوة لدى الفتح بن خاقان، وقد قدمه الفتح إلى المتوكل، والراجح أن ذلك كان سنة ٢٣٤ هـ (٨٤٨ م). ومن ثم بدأت تنتظر البحترى حياة مشرقة شاعرًا للبلاط.

وقد شاب صلة البحترى بالفتح فتور عابر بفعل التحاسد الذي لم يكن منه بد، ومع ذلدُ كان البحترى ينعم دائما برعاية الفتح الذي أهدى إليه البحترى ديوانه "الحماسة" وعددًا من مدائحه، ومدح البحترى أيضًا عدة شخصيات كبيرة في الدولة، ولكنه خص الخليفة بمعظم شعره. وكان في حياته على علاقة وثيقة به، ينعم بعطفه، ويؤيد سياسة الحكومة حتى إن تعارضت مع آرائه الشخصية التي كان يشوبها هوى مع الشيعة، ويجاهر بفضائل العباسيين وحقوقهم. وكان شعره في هذه الفترة يتضمن كثيرا من الإشارات إلى الحوادث السياسية مثل التمرد الذي وقع في دمشق سنة ٢٣٦ هـ (٨٥٠ م) والفتنة التي نشبت في أرمينية سنة ٢٣٧ م (٨٥١ م) وفتنة حمص سنة ٢٤٠ هـ (٨٥٤ م)، وزيارة الخليفة دمشق سنة ٢٤٤ هـ (٨٥٨ م)، وبناء المتوكلية ما بين سنتى ٢٤٥ - ٢٤٦ هـ (٨٥٩ - ٨٦٠ م) وغير ذلك من الحوادث.