وقال ابن خلكان في كتابه "وفيات الأعيان" إنه "ولد بمنبج، وقيل بزردفنه، وهي قرية من قراها. ونشأ وتخرج بها". ثم عاد فضبطها بالعبارة فقال: وزردفنه، بفتح الزاى وسكون الراء، وفتح الدال المهملة، وسكون الفاء، وفتح النون، وبعدها هاء ساكنة، وهي قرية من قرى منبج بالقرب منها.
فأما الاختلاف في تاريخ مولده، فقد صادفتنا - عند تحقيق ديوانه - روايات مختلفة، تتقدم في بعض الروايات سنوات أو تتأخر عن قول الجمهرة من المؤرخين له.
فقد ذكر ياقوت في "معجم البلدان" أن مولده كان في سنة ٢٠٠ هـ في أول أيام المأمون وهو بخراسان. ثم قال:"ذكر ذلك أبو غالب همام بن الفضل بن المهذب المعرى في تاريخ له"، وعقب فقال:"وقال غير ابن المهذب، ولد البحترى في سنة ٢٠٥ هـ".
إلَّا أن ياقوتا نفسه ذكر في "معجم الأدباء" أن ولادة البحترى كانت سنة ست ومائتين.
وذكر ابن خلكان في كتاب "وفيات الأعيان" أن ولادته كانت سنة ٢٠٦، وقيل سنة ٢٠٥.
وقد أخذنا في تحققنا لديوان البحترى - عندما تصدينا لتأريخ قصائده - بالقول الذي رجح سنة ٢٠٤ هـ تاريخا لمولده (انظر مقدمتنا لديوان البحترى صفحة ٣١ طبعة دار المعارف سنة ١٩٦٣) وهو التاريخ الذي أخذ به الأستاذ مركوليوث أيضًا في مادة "البحترى" في دائرة المعارف الإسلامية.
أما تاريخ وفاته فقد تأرجح عند هؤلاء المؤرخين بين سنوات ٢٨٣, ٢٨٤, ٢٨٥ هـ. وقد أخذنا -كما أخذ الأستاذ مركوليوث أيضًا - بالتاريخ الوسط. مات بالسكتة -كما يذكر ياقوت - في موطنه "منبج" سنة ٢٨٤ بعد أن عاش فترة طويلة في العراق، وقد بلغ الثمانين من عمره.
وقد عاش طفولته وصباه متنقلا بين منبج وحلب، حيث عرف في حلب صاحبته "علوة" التي ردد ذكرها في شعره مرات كثيرة، وظل يحن إليها