للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأول، ينتقل معه إلى دمشق حين انتقل إليها فترة ثم يعود معه، ويسجل أحداث عصره، وما أنشأ هذا الخليفة من قصور وغير ذلك، ويشاركه ووزيره الفتح مجالسهما حتى آخر يوم من حياتهما ويحضر اغتيالهما معًا ليلة الخميس الرابع من شوال سنة ٢٤٧ هـ.

وتستولى الفجيعة على الشاعر الذي شهد الحادث وشهد معه نجم سعده يأفل، فقد كان عهد المتوكل هو عهد الخير على هذا الشاعر، أنعم عليه الخليفة بالجزيل من الأعطيات، وأنعم عليه بمثلها وزيره الفتح، وحسده الشعراء على ما هو فيه من نعماء العيش ورفاهته حتى لقد ذكر الحصرى في كتابه "زهر الآداب" أن أبا العباس ثعلب كان يقول في هذه القصيدة: "ما قيلت هاشمية أحسن منها، وقد صرح فيها تصريح من أذهلته المصائب عن تخوف العواقب".

وقد رجحنا في تحقيقنا لهذه القصيدة (ديوان البحترى ١٠٤٥) أن الشاعر نظمها بعد مصرع المتوكل مباشرة أي في صبيحة الحادث، فإن إلى جانب التأثر السريع للحادث الذي شهده نجد أبياتا تنبيء عن أمله في أن يلي الخلافة المعتز دون المنتصر، أي يوم ٤ شوال سنة ٢٤٧ هـ، وقد أجمع المؤرخون على أن المنتصر كان شريكًا في التآمر على قتل أبيه لأن الوزير عبيد الله بن خاقان والفتح بن خاقان كانا يوغران قلب المتوكل على ابنه المنتصر ويرغبانه في عزله من ولاية العهد ليكون الأمر للمعتز، وكان المتوكل قد استمع لمشورتهما بأن يقوم المعتز في يوم جمعة بالصلاة بالناس، وفي الجمعة التالية حسنا له أن يصلى هو بالناس، فاستمال المنتصر إليه قواد الأتراك ودبروا معه مؤامرة تولاها بغا الشرابى، فأمر باغر التركى الذي كان يتولى حراسة الخليفة فدخل عليه ورجاله، وقد أخذ منه الشراب فضربوه بالسيف وكان معه الفتح فالقى بنفسه عليه فقتلوه.

وقد كشف الشاعر عن الرأس المدبر لهذا الحادث، ولم يخش العاقبة من