الإعراض عنه فقد عرف كيف يؤثر في الناس ويجعلهم يخشونه بفضل مدائحه ونوادره الشعرية.
ويبدو لنا بشار من خلال الشذرات أو المقطوعات التي وصلتنا شاعرًا في بلاط عمال بني أمية من أمثال ابن هبيرة (الأغانى، الطبعة الثالثة، جـ ٣، ص ١٩٧ و ٢٣٦) أو سلم بن قتيبة في وقت لا يتجاوز عام ١٣٢ هـ = ٧٥٠ م، انظر المصدر السابق، ص ١٩٠) أو الأمير سليمان ابن الخليفة هشام (انظر الديوان، جـ ١، ص ٢٩١ - ٣٠٣)، بل إن لدينا قصيدة نظمها في مدح مروان، آخر من تولى الحكم من بني أمية (انظر الديوان، جـ ١ ص ٣٠٦ وما بعدها). والظاهر أن قيام العباسيين لم يحل دون ارتفاع مكانة الشاعر، وكان وقتذاك في السابعة والثلاثين من عمره. كان رجلًا شديد الفطنة فلم يتردد في أن يهيئ نفسه للظروف الجديدة. ومن الصعب أن نتتبع فعله هذا بالتفصيل، ولكن يقال إن قصيدة نظمها أصلًا في مدح إبراهيم بن عبد الله العلوى أنشدت آخر الأمر للخليفة العباسى المنصور (الأغانى، الطبعة الثالثة جـ ٣، ص ٢١٣ في آخرها)؛ انظر العسكري: ديوان المعاني، جـ ١، ص ١٣٦ وإذا صحت هذه الواقعة فإنها تعد علامة مميزة.
وعاش بشار في بغداد منذ إنشائها عام ١٤٥ هـ (٧٦٢؛ انظر المرزبانى: الموشح، ص ٢٤٧ - ٢٤٨). وكانت مدائحه من وقتها توجه إما إلى شخصيات بارزة في البصرة مثل سليمان العبسى (وكان عاملا عليها عام ١٤٢ هـ = ٧٥٩ - ٧٦٠) أو ابنه (وكان عاملا حوالي عام ١٧٦ هـ = ٧٩٢ م؛ انظر الأغانى، الطبعة الثالثة، جـ ٣، ص ١٦٥ - ٧ و ٢٠٧، Pellat, ص ١٦٦, ٢٨٠) أو لشخصيات مثل عقبة ابن سَلْم (وكان عاملا عام ١٤٧ هـ = ٧٦٤ م؛ انظر الأغانى، الطبعة الثالثة، جـ ٣، ص ١٧٤ - ١٧٥، وانظر Pellat, الفهرس) أو ابنه نافع (وكان عاملا عام ١٥١ هـ = ٧٦٨ م؛ انظر الأغانى، الطبعة الثالثة، جـ ٣، ص ٢٣٠؛ وانظر Pellat, ص ٢٨١) وثمة نوادر عديدة تحملنا على القول بأن بشارًا كان يحظى