بالكثير من الرضا في عهد الخليفة المنصور, الذي اصطحبه فيما يرجح إلى مكة لأداء فريضة الحج (انظر الأغانى، الطبعة الثالثة، جـ ٣، ص ١٥٣ و ١٥٩ و ١٨٨ و ٢١٢، ٢٣٩ وبخاصة الديوان، جـ ١، ص ٢٥٧ و ٢٧٥ [قصيدة من ٢٩ بيتا] جـ ٢، ص ٢٤)؛ وتوترت العلاقات أخيرا بين الخليفة والشاعر (انظر ما يلي). ونحن ندين لهذه الصلات الرسمية بالكثير من المعلومات الثمينة عن حياة الشاعر. ولكن ليس من شك في أنها لا تبلغ من الأهمية مبلغ صلات بشار بالنحاة في البصرة مثل أبي عمرو بن العلاء أو أبي عبيدة أو الأصمعيُّ أو برجال الدين في تلك البلدة مثل الحسن البصري المتوفى ١٣١ هـ (٧٤٨ م؛ انظر المصدر السابق، ص ١٧٠). ولا شك أن عباراته الساخرة التي تعرض فيها لهذين الرجلين السابقين تتفق مع ذوقة في مشاركة المنبوذين بسبب سلوكهم أو عقائدهم. وبين أيدينا "أدب" فيه من القصص الفكاهى أكثر مما فيه من روائع الكلم، يصور هذا المظهر من حياة بشار، ويحكى مغامراته وسقطاته التي يكاد يدنس فيها الحرمات (ومن هذا القبيل ما ورد في الأغانى، الطبعة الثالثة، جـ ٣، ص ١٨٥ - ٨٦ وص ٢٣٣, وإن قصائده التي هجا فيها حمّاد عجْرَد لتدل على مدى قوة هذه الأواصر أحيانًا (انظر المصدر السابق، جـ ٣، ص ١٣٧ و ٢٠٥, ٢٢٣ في آخرها؛ الجاحظ: البيان، جـ ١، ص ٣٠). وإن مزاج الشاعر الحاد، وطبعه، وفوق ذلك كله حساسيته من ناحية لعاهته وخلو وفاضه يفسر لنا إلى حد كبير تنديده اللاذع بخصومه أو أعدائه، ومع ذلك يجب ألا يفوتنا أن هناك أسبابا أخرى تفسر لنا ما تنطوى عليه هذه الخصومات على المستوى المثالى من ضغينة.
ومن هذه الأسباب الشعوبية (مثال ذلك ما ورد في الأغانى، الطبعة الثالثة، جـ ٣، ص ١٣٨ و ١٣٩، وبخاصة ص ١٧٤ - ١٧٥ فيما يتعلق بهجوه للشاعر البدوى عقبة بن رؤبة؛ انظر أيضًا المصدر السابق، ص ١٦٦, الفقرة الخاصة بهجوه لبدوي؛ وص ٢٠٣ - ٢٠٤ التي يلوم فيها أحد الأشراف