الديوان، جـ ٢، ص ٥، س ٧؛ ص ١٠، س ٣؛ ص ١٥، س ٢). والحق أن التأثير الغالب على بشار كان دائما يعود إلى التقليد الذي ورثه من شعراء البادية، وهو، من كثير من الوجوه، قريب من "مدرسة" الحجاز كما نراها في شعر عمر بن أبي ربيعة. ولكنه نجح في أن يثرى هذا التقليد بما ينطوى عليه عالمه الداخلى من ثراء وبالتجربة القاسية التي نشأت من آفته الجثمانية واحتكاكه بعالم تسوده البلبلة والفتن.
وإن أهمية مكانة بشار في الفترة التي تحول فيها الشعر من مرحلة إلى أخرى في منتصف القرن الثاني الهجرى (الثامن الميلادي) لا يمكن المبالغة في تقديرها. وإن تأثير الرجل والفنان يؤكده ما أثاره من حماسة أو كراهية في قلوب معاصريه. وهو يعد على وجه الإجمال من مفاخر البصرة، بينما ينبعث رأى الخبراء من "الأحكام التقويمية" التي تنسب إلى أدباء من أمثال أبي عبيدة والأصمعى وخلف الأحمر وجمع من الآخرين (انظر الأغانى، الطبعة الثالثة، جـ ٣، في مواضع مختلفة). ونحن نعرف من جهة أخرى حكم الجاحظ عليه (انظر البيان، الفهرس) وأخيرا فإن بشارًا كان له تأثير عميق في الجيل التالي من الشعراء، وهناك ما يثبت هذا الأثر في سير أبي العتاهية، والعباس بن الأحنف، وأبي نواس، وسلم الخاسر وكثير من الآخرين، وتؤكد هذه الحقيقة دراسة آثارهم. وقد أصبح في وسع النقاد الشرقيين أن يروا في بشار واحدا من أعظم الشعراء عند العرب.
المصادر:
(١) ابن قتيبة: الشعر (طبعة ده غويه)، ص ٤٧٦ - ٤٧٩، والفهرس.
(٢) الجاحظ: البيان، طبعة هارون، ج ١، ص ٤٩ والفهرس (٢٤ إشارة إلى بشار).