وينظم بشار قصائد ثلاثية متكلفة بأسلوب قوى، وعلى الرغم من أن قصائده قد تكون تقليدية في الشكل والمضمون فإنها تخالف القصائد التي نظمها الجيل السابق. وإن الصرامة التي تتسم بها نوادره الشعرية تضعه في مصاف الهجائين في عهد بني أمية (ومن هذا القبيل ما ورد في الديوان، جـ ٢، ص ٦٦، هجاء لحمّاد عجرد، وكذلك الأغانى، الطبعة الثالثة، جـ ٣، ص ١٨٨ و ٢٠٢)، وهنا تجد أن ذوقه الجانح لزخرف الكلام أو سوق الجد في قالب الهزل يحمله على ابتداع أساليب جديدة (ومن هذا القبيل، قصيدته التي تحدث فيها بلسان حماره، الأغانى، الطبعة الثالثة، جـ ٣، ص ٢٣١ في آخرها). ولكن الراجح أنه حفر اسمه في ذاكرة الناس بمراثية. وكثيرا ما تجنح موضوعات قصائده الماجنة إلى أن تكون من قبيل شعر الغزل الذي يجب أن يعتبر تخليا عن تقليد تعد القصائد المنحولة المنسوبة إلى الأعشى ميمون نماذج مشكوكا فيها له، وتؤلف قصائده الغزلية جانبا هاما من هذا الإنتاج، وهي موجهة في الغالب إلى سيدة من البصرة تدعى عبْدة ولكنها موجهة أيضًا إلى بطلات أخريات لعل أسماءهن من وحى الخيال. وهذه القصائد تعبر حينا عن الواقع، (ومن هذا القبيل ما ورد في الأغانى، الطبعة الثالثة، جـ ٣، ص ١٥٥, ١٦٥, ١٨٢, ٢٠٠ إلخ) وحينا تغلب عليها براعة ممزوجة بالكياسة والرقة، قد أن فيما يبدو إلى استجابتين مختلفتين للصراع الأبدى في أعماق النفس الشرقية. وهناك قصائد يطرح فيها آراءه وهي شائعة أيضًا؛ وعلى الرغم من أن بشارًا ليس في الواقع متعمقا فإنه يتحاشى التفاهة ويستطيع أن يبدى ملاحظات ذكية.
والتواؤم مع الظروف هو مفتاح أسلوب بشار، الذي يمكن أن يجمد على نمط بعينه ويصبح عتيقا في القصيدة (ومن هذا القبيل ما ورد في الديوان، جـ ١، ص ٣٠٦ وما بعدها) ولكنه ينطلق ويصبح حرا يفيض بالبهجة في قصائد الغزل، وفيها يترخص الشاعر في استخدام اللغة بجرأة (ومن هذا القبيل ما ورد في