(الجاحظ: البيان جـ ١، ص ٤٩) ولكنه يدين بشهرته فوق كل شيء إلى مواهبه الشعرية. وكان إنتاجه من الشعر غزيرا متنوعا, ولكن مما يؤسف له أنه لم يصل إلينا في صورته الأصلية. ولما كان بشار كفيفا فإنه اعتمد على الرواة، الذين لا نعرف إلا أسماء أربعة منهم، وبخاصة خلف الأحمر (انظر الأغانى، الطبعة الثالثة، جـ ٣، ص ١٣٧ و ١٦٤, وجـ ٩، ص ١٨٩, ١٧٠, ١١٢) بيد أن أحدا منهم لم يكبد نفسه عناء جمع ديوان شيخه. وسرعان ما ضاعت مقطوعات كانت تنشد من حين إلى حين وقصائد أنشدت على البديهة ونوادر شعرية، وفي الوقت نفسه نسبت إلى بشار قصائد يكتنف صحتها الشك إلى حد ما (انظر الشرح على الديوان، جـ ١، ص ٣٠٩). ومن ثم لم تعرف آثار الشاعر، منذ القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي) إلا عن طريق مجموعات من أصحاب الدواوين أمثال هارون بن علي المتوفى عام ٢٨٨ هـ - (٩٠٠ - ٩٠١ م؛ انظر الفهرست، ص ١٤٤) أو أحمد بن أبي طاهر طيفور المتوفى عام ٣٨٠ هـ (٨٩٣ م) الذي جمع كتاب "اختيار شعر بشار"(انظر الفهرست، ص ١٤٧). ومن المعروف أن ابن النديم رجع، في الربع الأخير من القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) إلى مجموعة من القصائد المختارة تشغل حوالي ألف صفحة (انظر الفهرست، ص ١٥٩ في آخرها). ومهما يكن من شيء فإنه يجب ألا يؤخذ في الإعتبار كتاب "الاختيار من شعر بشار" للأخوين الخالدين الموصليين فهو لم يذكر ضمن مصنفاتهما في كتاب ابن النديم (المصدر المذكور، ص ١٦٩) , ونحن لا نعرف هذا المصنف إلا من مختارات زودنا بها التجيبى (القرن الخامس الهجري - الحادي عشر الميلادي، طبعة العلوى، عليكره سنة ١٩٣٥). وثمة مخطوطة وحيدة من أصل شرقي (ترجع إلى القرن السادس الهجري - الثاني عشر الميلادى؟ )، تضم قصائد تنتهي بقواف من الألف إلى الياء، كانت الأساس الذي قامت عليه طبعة ابن عاشور (٣ مجلدات، القاهرة سنة ١٩٥٠ - ١٩٥٧)، وهي طبعة بعيدة كل البعد عن أن تستأهل الثناء. ومن