للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نفسها مثال له هو ضريح الشيخ عمر السهروردى المتوفى عام ٦٣٢ هـ (١٢٣٤ م) الذي لا يزال قائمًا (انظر صورة هذا الضريح في كتاب فون أوبنهايم الذي سبق أن ذكرناه)؛ وكل هذه العمائر التي يقال إن عددها بلغ في عهد المقتدر ثلاثًا وعشرين عمارة كانت مدينة قائمة بذاتها تعرف بالحريم، فيها من حدائق الحيوان والميادين وغير ذلك. وقد فصل الخطيب البغدادي الكلام (طبعة Salmon ص ٤٩ وما بعدها، ص ١٣٢ من الترجمة) عن هذه العمائر عند وصفه لاستقبال المقتدر لسفارة الروم عام ٣٠٥ هـ الموافق ٩١٧ - ٩١٨ م (Guy le Strange في مجلة الجمعية الأسيوية الملكية عام ١٨٩٧ م، ص ٣٥ وما بعدها). وكان يحيط بالحريم كله سور له سبعة أبواب يضم ما يقرب من ثلث الجانب الشرقي لبغداد. وإذا أردت زيادة في التفصيل فإننا نحيلك إلى الفصول الخاصة في كتاب Le Strange عن بغداد، ومن الطبيعي أنه قد حدثت تغييرات كبيرة أصابت هذا الموضع على تعاقب القرون؛ مثال ذلك أن قصر التاج وقبة الحمار أتت عليهما النيران عام ٥٤٩ هـ الموافق ١١٥٤ م.

ولم يبق لنا شيء ما تقريبًا من الجانب الغربي، وهو أقدم من الجانب الذي ذكرناه، اللهم إلا أضرحة قليلة، وعلى الرغم من أنها لم تبق في شكلها القديم فإنها ما زالت قيَمة جدًّا بالنسبة لتخطيط المدينة القديم، لأن بناءها أعيد في المواضع نفسها التي كانت تقوم عليها في الزمن الغابر، وهذه الأضرحة هي ضريح معروف الكرخى وضريحا الكاظمين الشيعيين الكبيرين ونعنى بهما الإمام السابع موسى الكاظم المتوفى عام ١٨٣ هـ (٧٩٩ م) والإمام التاسع محمد الجواد المتوفى عام ٢٢٠ هـ (٨٣٥ م). ولسنا في حاجة إلى ذكر الضريح المنسوب إلى زبيدة زوجة هارون الرشيد المتوفاة عام ٢٠٦ هـ (٨٣١ هـ) لأن ابن الأثير يقرر في جلاء أنها لم تدفن في هذا الموضع (ابن الأثير، طبعة تورنبرج، جـ ٩، ص ٣٩٥).

والنقش الذي على هذا الضريح المؤيد لتلك الرواية الخاطئة والذي وصفه نيبور يرجع (١) إلى عام


(١) لا صحة لنسبة القبر الذي في الكرخ من بغداد المعروف بقبر الست زبيدة) إلى زبيدة زوجة الرشيد لأن المؤرخين أجمعوا على أنها دفنت في مقابر قريش الكائنة في صحن الكاظمين، اما المدفونة في هذا القبر فهي زبيدة خاتون ابنة السلطان بركيارق وزوج السلطان مسعود بن السلطان محمد ملكشاه وكانت توفيت في سنة ٥٣٢ هجرية (١١٣٧ م).
عبد الرزاق الحسنى