ببلاط مغيث (طوق، ص ١٠٤، ص ٨٧، اسفل ص ٨٨) واختار "المَريَّة" لإقامته، ويظهر أنه استطاع أن يعيش هناك في شيء من الهدوء إلى أن خَلع علي بن حمود، بالاتفاق مع خيران صاحب المرية، الأميرَ سليمان الأموى في المحرم عام ٤٠٧.
وخامرت خيران الريبة في أن ابن حزم يتآمر لصالح الأمويين فسجنه هو وصديقه أحمد بن إسحاق بضعة أشهر ثم نفاهما. وذهب الصديقان إلى "حصن القصر" فتلقاهما حاكمه بالترحاب، ولما علمًا بأنه قد نودى بعبد الرحمن الرابع المرتضى خليفة في مدينة بلنسية، تركا مضيفهما بعد أشهر قلائل وذهبا إلى هذه المدينة بطريق البحر، وهناك لقى ابن حزم أصدقاء آخرين (طرق، ص ١١٠ وما بعدها). واشترك ابن حزم في الحرب أمام غرناطة صحبة جيش المرتضى وكان وزيرا له، فأسره العدو، ولكنه أطلق سراحة بعد مدة وجيزة). Cat. Cod .Arab ليدن، جـ ١، ص ٢٧٣) ورجع إلى قرطبة في شوال عام ٤٠٩، بعد أن غاب عنها ست سنوات، إبان حكم الخليفة القاسم بن حمود (طوق، ص ١٠٤، س ٢٢؛ ص ١٢٢, س ٢). واستوزر الخليفة النابه العقل عبدُ الرحمن الخامس المستظهر، صديقَه ابن حزم، عندما بويع بالخلافة في رمضان عام (ديسمبر ١٠٢٣) عقب خلع الخليفة ابن حمود، ولكنهما لم يستمتعما بالحكم طويلًا؛ لأن عبد الرحمن قتل بعد ذلك بسبعة أسابيع في ذى القعدة عام ٤١٤ (يناير ١٠٢٤) ورأى ابن حزم نفسه مرة أخرى بين جدران السجن. ولا يمكننا أن نقدر بالضبط المدة التي قضاها ابن حزم في السجن، ومع ذلك فمن المؤكد أنه كان يعيش في شاطبة حوالى عام عام ٤١٨ هـ (١٠٢٧ م). ويروى ياقوت عن الجَيَّانى أنه وزر ثانية لهشام المعْتَدَ. ولا نعرف إلا النزر اليسير عن بقية حياته، فقد اعتزل ابن حزم أمور السياسة لكي يتفرغ بكليته للعلم والتأليف ونشر آرائه والدفاع عنها.
ومن أوائل تصانيفه كتابه "طوق الحمامة في الألفة والألاف" (نشره