وسقبفتين، إحداهما لصاحب الحرس والأخرى لصاحب الشرطة، وقسمت المدينة إلى أربع مناطق متساوية، يقسمها طريقان يبدآن من أبوابها المتساوية الأبعاد، وذلك لضمان الإشراف على المدينة وتيسير حركة المواصلات في الداخل، ومع طرق القوافل في الخارج، وكان باب خراسان (ويسمى أيضًا باب الدولة) جهة الشمال الشرقي، وباب البصرة جهة الجنوب الغربي، وباب الشام جهة الشمال الغربي، وباب الكوفة جهة الجنوب الشرقي، وكان على من يريد أن يصل إلى الدائرة الداخلية أن يعبر خندقا وأن يمر بخمسة أبواب، اثنان منها في السور الخارجى، وبابان ضخمان في السور الكبير وباب في السور الداخلى (انظر اليعقوبى: البلدان، ج ١، ص ٢٣٨ - ٢٤٢, الطبري، جـ ٣، ص ٣٢٢ - ٣٢٣ ابن الجوزي: المناقب، ص ٩ - ١٠؛ الخطيب البغدادي، ص ٩ - ١٢ ابن الأثير، جـ ٥، ص ٤٢٧ - ٤٢٨، ص ٤٣٩، اليعقوبى، جـ ٢ ص ٤٤٩ ابن الفقيه، مخطوطة، ورقة رقم ١٣٣).
وروعيت في التخطيط أيضًا التقاليد الإمبراطورية القديمة، يؤيد ذلك وجود حجاب بين الخليفة وبين شعبه، والتخطيط الفخم للقصر والمسجد لإظهار عظمة الدولة الجديدة، وتوزيع الناس على ربوع منفصلة يمكن إغلاقها وحراستها بالليل.
ووزع المنصور على بعض مواليه وقواده المخلصين قطائع بجوار الأبواب خارج المدينة، ومنح جنوده الأرباض لكى يبنوا عليها دور، لهم، ووهب لبعض آل بيته أطراف المدينة (اليعقوبى، جـ ٢، ص ٤٤٩. ٤٥٠، انظر ابن حوقل، ج ١، ص ٢٤٠).
وكانت القبة الخضراء تحفة تفخر بها المدينة المدورة، وارتفاعها ٤٨.٣٦ مترًا، وكانت تنهض شامخة فوق القصر، وعلى قمتها تمثال على شكل فارس يمتطى صهوة جواده. وقد خرت هاوية عام ٣٢٩ هـ (٩٤١ م) في ليلة عاصفة، وربما نزلت عليها صاعقة (الصولى: الراضى، ص ٢٢٩، ابن الجوزي: المنتظم، جـ ٦، ص ٣١٧ - ٣١٨، المناقب، ص ١١؛ أبو المحاسن، جـ ٣،