للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ياقوت، جـ ١، ص ٦٨٦؛ المسعودى، جـ ٦، ص ٤٥٤؛ الطبري، جـ ٣، ص ٨٧٤، ٨٧٦). ويتغنى الشعراء بجمال بغداد، ويصفونها بأنها "جنة الله في أرضه". وقد اشتهرت ببساتينها الرائعة وريفها النضير، وقصورها الفخمة الشامخة المزينة بزخارف فاخرة على الأبواب وفي القاعات، ورياشها البديعة الثمينة (انظر الطبري، جـ ٣، ص ٨٧٣، ٨٧٤؛ القال: الأمالى، جـ ٢، ص ٢٣٧؛ ياقوت، جـ ١، ص ٦٨٦).

وتلقت بغداد ضربة قاسية إبان النزاع الذي اشتجر بين الأمين والمأمون. ووصلت الحرب إلى المدينة عندما ضرب عليها حصار دام أربعة عشر شهرًا. (المسعودى، جـ ٦، ص ٤٥٦). وأحنق صمود المدافعين طاهرًا فأمر بهدم دورهم، ودمرت أحياء كثيرة "ما بين دجلة ودار الرقيق (شمالي باب خراسان)، وباب الشام وباب الكوفة إلى الصراة وأرجاء أبي جعفر وربض حُمَيد ونهر كرخايا والكُناسة" (الطبري جـ ٣، ص ٨٨٧). وشملها الخراب على يد الغوغاء والخارجين على القانون والعيارين. وتعرض للتدمير الشديد قصر الخلد وقصور أخرى، وهي الكرخ وبعض الربوع الواقعة على الجانب الشرقي. ويعبر عن ذلك الطبري والمسعودى فيقولان: "وكثر الخراب والهدم حتى درست محاسن بغداد" (انظر الطبري، جـ ٣، ص. ٩٢٥ - ٤٩٦؛ المسعودى جـ ٦، ص ٤٥٤ - ٤٥٩؛ ابن الأثير، جـ ٦ ص ١٨٨ وما بعدها). وظلت الفوضى والقلاقل تضرب أطنابها في بغداد إلى أن عاد المأمون من مرور عام ٢٠٤ هـ (٨١٩ م). وأقام المأمون في قصره ووسع رقعته حتى لقد أضاف إليه حلبة للسباق وحيرًا للوحوش (حديقة للحيوان) وأحياء لمواليه المخلصين (ياقوت، جـ ١، ص ٨٠٧). ثم وهب هذا القصر للحسن ابن سهل - ليصبح اسمه الحسنى - الذي أوصى به لابنته نوران. وانتعشت بغداد من جديد في عهد المأمون. وشيد المعتصم قصرًا في الجانب الشرقي (اليعقوبى، ص ٢٢٥؛ انظر الخطيب، ص ٧٤). ثم قرر أن يبحث عن عاصمة جديدة لجيشه التركى الجديد، فقد كانت بغداد شديدة