للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الازدحام لا تتسع لجنوده، وكان الأهلون وفرق الجند القديمة يكنون العداء لجنود الأتراك، وخشى أن يحدث ما يكدر صفو الأمن. وفقدت بغداد أيام سامراء (٨٣٦ - ٨٩٢ م) اهتمام الخلفاء بها (انظر اليعقوبى، جـ ٢، ص ٢٠٨؛ الإربلّى، ص ١٦١) ولكنها ظلت أكبر مركز للتجارة والنشاط الثقافى.

وعانت بغداد أيضًا من القلاقل التي أثارها الأتراك، عندما انتقل إليها المستعين من سامراء، وحاصرتها قوات المعتز طوال عام ٢٥١ هـ (٨٦٥ - ٨٦٦ م). وامتدت رقعة الرصافة في هذه الفترة إلى سوق الثلاثاء (حتى شارع السموأل الحديث). وأمر المستعين بالله بتحصين بغداد ومد السور القائم على الجانب الشرقي من باب الشماسية إلى سوق الثلاثاء، والسور القائم على الجانب الغربي من قطيعة أم جعفر حول الربوع حتى قناة الصراة وحُفر حولها خندق طاهر المشهور (الطبري، جـ ٣، ص ١٨٥١). ودمرت أثناء هذا الحصار منازل وحوانيت وبساتين خارج السور الشرقي لضرورات الدفاع (الطبري، جـ ٣، ص ١٥٧١) وتعرضت للدمار الشديد الأحياء الشرقية من الشماسية والرصافة والمخرم.

وعاد المعتمد أخيرًا إلى بغداد عام ٢٧٨ هـ (٨٩٢) وكان قد طلب من بوران قصر الحسنى، بيد أنها جددته وأثثته ليليق بخليفة، وسلمته له (انظر ابن الجوزي: المنتظم، جـ ٥، ص ١٤٤). ثم قام المعتضد بإعادة بناء القصر عام ٨٢٠ هـ (٨٩٣ م) ووسع رقعة أراضيه وأضاف إليه أبنية جديدة وشيد سجونا فوق مطاميره. وأضاف حلبة سباق ثم أحاط المنطقة بسور خاص وقدر له أن يصبح دار الخليفة، وظل بعد إضافة بعض المبانى إليه، مقره الرسمى (الخطيب البغدادي، ص ٥٢؛ ابن الجوزي: المنتظم، جـ ٦، ص ٥٣؛ المناقب، ص ١٥؛ التَّنوخى: نشوار المحاضرة، جـ ٨، ص ١٥، أبو المحاسن، جـ ٣، ص ٨٥؛ الإربلَى، ص ١٧٣).

ثم وضع أساس قصر التاج على مقربة من نهر دجلة، بيد أنه رأى فيما بعد أنه يتعرض للكثير من الدخان من