وقبل ذلك نشرت سنة ١٨٣١ ترجمة مختصرة في باريس بقلم كاترمير (- Notices et extraits: Quatre mere جـ ١٢). وقد نشر كاتب هذه المادة بعض أجزاء غير منشورة من المسالك تتعلق بالأندلس وحقق الشواهد الواردة في المصنف التاريخي الجغرافي الموسوم بالروض المعطار لابن عبد المنعم الحميرى السبَتْى (- La Peninsule ibe rique au Moyen-Age، ليدن سنة ١٩٣٨، ص ٢٤٥ - ٢٥٢؛ وانظر أيضًا La De- scription de I'Eespagne لأحمد الرازي في Al-Andalus سنة ١٩٥٣، ص ١٠٠ - ١٠٤) معتمدًا على مخطوط في مكتبة جامع القرويين في فاس وفيه أكثر قطعة تفصيلا تيسرت لنا بعد في وصف شبه الجزيرة الإيبيرية.
وقد جرى البكرى على السنة المألوفة لدى جغرافي زمنه وجغرافيى القرون السابقة عليه، فاتجه أولًا وقبل كل شيء -كما يستدل من عنوان كتابه "المسالك والممالك" إلى إظهار كتابه في ثوب دليل طريق يشمل تقديرًا للمسافات بين كل مدينة أو محطة، وكان ذلك خليفًا بأن ينتهى بالكتاب إلى ثبت جاف بالأسماء، وهذا الثبت على أهميته لا يعدو أن يكون ذكرًا مجردًا للمعالم، إلا أن البكرى طبعه بطابعه الخاص فراح يتخير مادته من ذلك الحشد من الخصائص التي اجتهد في جمعها. وهذه المادة تتعلق إلى حد كبير بالتاريخ الاجتماعى بل السلالى، وهذا هو الذي يسبغ على كتاب البكرى "المسالك الممالك" قيمته التي لاتقدر فيما يختص بالمغرب على الأقل. وكان عقل البكرى عقلًا متطلعًا منهجيًا، ولذلك فهو قد رسم بعض الصور الإجمالية التاريخية التي لم يضارعه أحد فيها بعد قط، إذ لا تزال أخباره عن الأدارسة المرابطين مثلًا الأساس الأوثق لوثائقنا عن الأدارسة ولوثائقنا عن أصول المرابطين. ومعظم أوصافه للبلدان دقيق إلى حد عجيب. ومادته عن أسماء الأماكن في المغرب وإفريقية وبلاد السودان وافية وفاء لا تقل أهميته عما ذكرنا.
ومن نافلة القول أن نذكر أن أبا عبيد حين أخذ يكتب وصفه القيم لشمالى