للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ذنوبه، وعلى ما انتابه من ضعف شخصى، وعلى السنوات الماضية التي أضاعها هباء، أو على الماضي الذي لا يمكن أن يتبدل أثناء فترة ابتلائه على ظهر الأرض. ويمكن أن يكون البكاء منبعثًا من الرحمة بالآخرين والإشفاق على الذين يضلون سواء السبيل والترحم على الموتى الذين لم يعد في وسعهم أن يعملوا لإصلاح ما قدر عليهم، أو ينشأ من الحنين إلى دار البقاء والشوق إلى الله وغير ذلك. وكثيرًا ما يبكون أملا (وهنا يمكن أيضًا أن نتخذ الحديث - إلى حد ما - مصدرًا نستند إليه) في عفو الله ورحمته ووقايته يوم القيامة والنجاة من النار وغفران ذنوب المرء، أو حتى الصفح عن ذنوب غيره من الناس، ودخول الجنة، والثواب. وكما أن السائل الذي يستطيع أن يبكى تتاح له فرصة أكبر في بلوغ أمله (Die Mun-: Karl Hadank ١٠٩) darten von Khunsar etr) فإن السائل الروحى أيضًا يأمل بالبكاء أن يستدر رحمة الله، ومن ثم فإنه ربما يتاح له، بين آن وآخر، أن يتحمل جانبًا من عقابه في العالم الآخر. وقد ورد في أحد النصوص "بين الجنة والنار مفازة لا يقطعها إلا كل بكَاء" (حلية الأولياء، حـ ٨، ص ١٤٩).

والصلاة (وتشمل الفريضة) وذكر الله، وتلاوة القرآن الكريم، وقراءة الأحاديث الشريفة، والعظات، والقصص الهادي، وسماع الخطب الدينية، والتفكر- كل هذا مما يثير البكاء. وإنا لنعلم أن المسلم الورع يقوم الليل ويبكى حتى الصباح وهو يتدبر معنى آية من آيات القرآن الكريم التي يغلب عليها توعد العاصى بالعقاب. ونسمع أحيانا عن بكاء بعض الناس وهم يؤدون الصلاة تضرعا لله، وكثيرًا ما يكون هذا أمام الكعبة، وهم يتعلقون بأستارها (الكسوة) أو يقفون أمام الحجر الأسود، ويحدث هذا ايضًا كثيرًا في المدافن عند مشاهدة المقابر. والقراء ورواة الأحاديث والوعاظ والقُصاص (المفرد قاص)، يطلقون في تلاوتهم العنان لدموعهم، وكثيرًا ما يدفعون المستمعين إلى البكاء أو يجعلونهم يذرفون الدموع. ويقال إن قاصا كان يقول لمستمعيه قبل كل