ويعد الفصل السابع والعشرون من كتاب العطار المسمى "مختار نامه"(در صفه كريستن) فريدا في بابه لا تستوجب الضرورة أن نتناوله هنا. ورابعها أن الكثيرين من الصوفية المتأخرين رأوا أن من علامات الضعف أن يتركوا لمشاعرهم العنان إلى حد البكاء.
ولا محل هنا للحديث بإفاضة عن بكاء الصوفية في السماع، وعند أضرحة الأولياء، وذرف الحجاج للدموع لدى مشاهدة مكة، والوقوف بعرفة، وأمام قبر الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة، وبكاء الشيعة على أئمتهم أو عند قبورهم، وبكاء التوَابين أو الخوارج إلخ. صحيح أن الإسلام قد غطى على أشكال شرقية أخرى للبكاء بل استوعبها في الحقيقة (انظر "بكاء المجوس" على سياوش في كتاب النرشخى المسمى تأريخ بخارى، طبعة شيفر Schefer، ص ٢١؛ البكاء على تمُّوز؟ ). ومع ذلك فإن المسلمين أنفسهم كانوا مدركين كل الإدراك أن بكاءهم الذي أثارته تقواهم له مثيل في المجال اليهودى - المسيحي وتدل عليه بجلاء شواهد كدموع آدم ونوح (مشتق من ناح) ويعقوب وداود وسليمان ويوحنا المعمدان ويسوع ورهبان عديدين.
أما البكاءون الذين تحدث عنهم ابن هشام، في كتاب السيرة (طبعة فستنفلد Muestenfeld، حـ ٢ ص ٨٩٥ وما بعدها) فلا يدخل في طائفة البكائين الذين تحدثنا عنهم في هذه المادة.
المصادر:
(١) الجاحظ: البخلاء، طبعة الحاجرى، انظر ترجمة بلا Pe ١١ at، ص ٨ - ٩
(٢) البيان والتبيين، تحقيق عبد السلام هارون، حـ ٣، ص ١٤٩ وما بعدها.