المركبات. وقسم ما يبحث في المركبات قسمين: ما يبحث في الموزون منها فقط، وما يبحث في المركبات مطلقًا موزونة ومنثورة. وتحت هذا نجد العلوم التي استقر الأمر أخيرًا على اعتبارها علوم البلاغة ووقفت عندها جهود بلاغة الأعجام المتفلسفة، وهي: علم المعاني، وعلم البيان. ويتبعهما البديع.
هنا يلتزم التفريق بين الفصاحة والبلاغة على ما أشرت إليه أولًا. ويشتهر تعريف البلاغة بأنها مطابقة الكلام لمقتضى الحال مع فصاحته. ويبينون وجه انحصار دراسة البلاغة في هذه العلوم على طريقتهم المنطقية بأن: البلاغة في الكلام مرجعها التي أمرين: الاحتراز عن الخطا في تادية المعنى المراد، وتمييز الكلام الفصيح من غيره. والثاني منهما وهو تمييز الفصيح، منه ما يبين في علم من اللغة أو علم الصرف، أو النحو، ومنه ما يدرك بالحس. ثم منه ما ليس كذلك، وهو التعقيد المعنوى، لا يعرف بشيء من العلوم ولا يعرف بالحس فيبقى شيئان يحتاجان التي علم بتولى البحث عنهما، وهما: الاحتراز عن الخطا في تادية المعنى المراد والاحتراز عن التعقيد المعنوى، فاتخذوا علمين جديدين هما: علم المعاني الذي يحترز به عن الخطأ في تادية المعنى المراد؛ أي يعرف به مطابقة الكلام لمقتضى الحال. ثم علم البيان الذي يحترز به عن التعقيد المعنوى، أي يعرف به إيراد المعنى الواحد بتراكيب مختلفة في وضوح الدلالة عليه. واحتاجوا لمعرفة توابع البلاغة التي علم آخر، فجعلوا لذلك علم البديع الذي يعرف به وجوه التحسين في الكلام بعد رعاية المطابقة لمقتضى الحال ورعاية وضوح الدلالة:
وبالطريقة المنطقية نفسها حصروا أبحاث هذه العلوم. فقالوا في المعاني: إنه ينحصر في ثمانية أبواب: لأن الكلام إما خبر أو إنشاء - والخبر لا بد له من مسند إليه ومسند وإسناد، فعقدوا لذلك باب أحوال الإسناد الخبرى، وباب أحوال المسند إليه، وباب أحوال المسند، ثم المسند قد يكون له متعلقات إذا كان فعلًا أو ما في معناه، فعقدوا باب متعلقات الفعل وكل من