للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لقدامة بن جعفر (الإنبابى: على رسالة الصبان في البيان، ص ٣، طبعة بولاق). وقبل ذلك عدّ أبو هلال نفسه، كتاب البيان والتبيين للجاحظ، أكبر وأشهر الكتب المصنفة في علم البلاغة.

ومن هنا نقدر كيف التقى النقد بالبلاغة واتحدا عندهم، فلم يفردوا النقد ببحث خاص، ولا سموا له علما.

٨ - مضت هذه الدراسة البلاغية، تتقلب بها المناهج، وتؤثر فيها البيئات، وتتأثر بالثقافة الإسلامية العامة، من أصيلة ودخيلة، وقد رأينا من قبل كيف اختلفت مناشئها، والتقت فيها موارد متعددة.

ومؤرخ البلاغة يجد من مذاهب هذه الدراسة ومدارسها ما يحسن تتبعه، وقد أدرك القدماء أنفسهم وجود بلاغتين، سموا أولاهما "البلاغة على طريقة العجم وأهل الفلسفة". وسموا الثانية "البلاغة على طريقة العرب والبلغاء" (السيوطي: حسن المحاضرة ١: ١٥٧، طبعة مصر سنة ١٣٢١ هـ).

ونجد الأولى تشيع غالبًا في المناطق الشرقية من الدولة الإسلامية حيث يقطن خليط من الفرس والترك والتتر ومن إليهم. ومن فحول هذه الطريقة جار الله الزمخشرى، وأبو يعقوب يوسف السكاكى، وسعد الدين التفتازانى وغيرهم.

وتسود الثانية غالبًا في المناطق الوسطى من الدولة الإسلامية، حيث مهد العربية الأول وما داناه من الأقاليم كالعراق والشام ومصر مثلًا. ومن رجال هذه الطريقة أمثال ابن سنان الخفاجى صاحب كتاب سر الفصاحة وابن الأثير والسبكى المصري وغيرهم.

ولكل مدرسة كتبها ورجالها مما يتسع لمؤرخ البلاغة مجال تتبعه وفحصه. وبلاغة العجم وأهل الفلسفة هي التي اشتهرت، ولا يزال طابعها هو الظاهر، والمتبادر اليوم حينما تطلق كلمة البلاغة.

٩ - ازداد تنسيق علوم الأدب أو علوم العربية، فوصلت التي اثنى عشر علمًا، لوحظت في ترتيبها اعتبارات خاصة. فقسمت مثلًا إلى أصول وفروع. ثم قسمت الأصول قسمين: ما يبحث في المفردات، وما يبحث في