مقدمات المتكلمين وتقسيمه الوجود إلى ممكن وواجب، وقوله إن الصورة لا تتولد فى المادة من صورة مادية قبلها، بل يحدثها فيها واهب الصور، وهو عقل مفارق. فمما قاله إن ابن سينا جعل الموجود مركبا من موجودين متباينين هما: الصورة والمادة. ولذلك فهو يرى أن الوالد بالذات للشخص هو شخص مثله، وهذا معنى قول أرسطو أن الأنسان إنما يلده إنسان، وأن الصورة المادية متولدة بالضرورة من صورة مادية ثانية هى فى هيولى، وكأنه اجتمعت فيها الضرورة من وجهين: أحدهما من حيث هى موجودة، والثانى من حيث هى هيولى.
٣ - مسألة العقل: إن نظرية ابن رشد فى العقل تختلف عن نظرية ابن سينا، وقد توصل إليها بانتقاد شرح الإسكندر الأفروديسى لآراء أرسطو. فمن المعلوم أن الجوهر العاقل إذا عقل صورة عقلية صار هو إياها. فإذا كانت الصورة العقلية أزلية أبدية كان العقل أيضا أبديا. ولكن الإسكندر الأفروديسى قد أخطأ فى جعل العقل الهيولانى معرضا للكون والفساد فامتنع عليه إيضاح حصول المعقولات فيه. ولذلك وجب أن يكون الجوهر العاقل واحدا عند جميع الناس، لا يولد، ولا يفسد. أما الذى يفسد ويفنى فهو هذا العقل المنفعل الذى يقبل ما يفيض عليه من العقل الفاعل.
وقصارى القول أن طريقة ابن رشد الانتقادية قد أوصلته إلى جملة من المسائل الفلسفية العميقة، وهى تمتاز على فلسفته الانتقائية التركيبية، ولولاها لما خلد اسمه فى تاريخ الفلسفة ولا كان له هذا الأثر العظيم فى فلسفة القرون الوسطى.
مصادر أخرى:
(١) تلخيص كتاب المقولات لابن رشد Talkhic Kitab al Maqoulat,، : : Averroes -publie par Maurice Bouyges. S. ١. Bey
(٢) تهافت خوجه زاده، طبع فى القاهرة مع تهافت الغزالى، وتهافت التهافت.