قوام الحوليات الهندية الفارسية مرتبط بهذه الرواية. وأهم مؤلف بعد "تاج المآثر" لحسن نظامى المتوفى بعد عام ٦١٤ هـ (١٢١٧ م) هو الذيل الذي كتبه ضياء الدين برنى المتوفى بعد عام ٧٥٨ هـ (١٣٥٧ م) لتأريخ الجوزجانى، ولم يؤثر إلى جانب هذا الذيل سوى تراجم قليلة تجنح إلى المدح في المادة والترصيع في الأسلوب. وعلى هذا فإن هناك دلائل على وجود رواية وطنية في إقليم السند ترجع إلى عهد الفتح العربي في القرن الأول للهجرة (القرن الثامن الميلادي)، وانا لنكاد نلمح هذه الرواية في زوايا القصة التأريخية التي أذيعت في القرن السابع الهجرى (الثالث عشر الميلادي) باسم "جاج نامه "؛ على حين أن التأريخ المحلى في كجرات وفي الجنوب كان في الوقت نفسه أكثر اتصالا بالتأريخ في فارس.
٤ - ظلت الرواية الفارسية الأدبية سائدة في الولايات التركية والعثمانية طوال هذا العهد. ولم تكن المصنفات التي كتبت نثرا أو الملاحم إلى تتحدث عن سلاجقة الأناضول بذات قيمة أدبية، وإنما ترجع أهميتها إلى أنها كانت نموذجا سار على نهجه التأريخ التركى الناشئ، ونلمس هنا مرة أخرى أنه على الرغم من أن الكتاب لم ينصرفوا انصرافا تاما عن الأسلوب البسيط فإن الأسلوب المنمق قد رجح عند الناس آخر الأمر، هذا الأسلوب الذي بلغ الغاية من الترصيع والمبالغة في كتاب "هشت بهشت " الذي ألفه نثرا إدريس بن علي البدليسى المتوفى عام ٩٢٦ هـ (١٥٢٠ م) نزولا على رغبة بايزيد الثاني. وإنه لمن إلقاء القول على عواهنه أن نهون من شان مؤلف لأنه يجنح إلى التهويل، وآية ذلك أن وراء الحشو واللغو اللذين يفيض بهما مصنف البدليسى -كما يفيض بهما تأريخ وصاف وغيره من المصنفات التي تنحو هذا النحو- رواية جدية ذات قيمة تأريخية كبرى.
٥ - من أبرز الفوارق التي بين التأريخين الفارسى والعربى ندرة التراجم التأريخية في أولهما. أما التراجم الأدبية فقد كانت بطبيعة الحال وافرة، وتشمل بعض التواريخ العامة إشارات عن الوفيات بالطريقة المألوفة، أو فصول عن الأعيان وبخاصة الوزراء