والشعراء والكتاب. ثم يأتي بعد ذلك سير الأولياء والصوفية. وبعضها خاص بأفراد، وأهم شاهد على ذلك سيرة الشيخ صفى الدين التي كتبها توكل بن بزاز حوالي عام ٧٥٠ هـ (١٣٤٩ م) , وبعضها الآخر يتحدث عن جماعات خاصة أو عامة وهناك مصنفان في تراجم الوزراء صنفهما كاتبان من مدرسة هراة أحدهما "آثار الوزراء" وقد ألفه سيف الدين فضلى عام ٨٨٣ هـ (١٤٧٨ م) والآخر " دستور الوزراء" وقد ألفه خواندمير عام ٩١٥ هـ (١٥٠٩ م)، ولكن لم تكتب بالفارسية مؤلفات جديرة بأن تقارن بمعاجم التراجم العربية المعاصرة إلا في القرن التالي. وواضح أن هذا يرد إلى الصلة الوثيقة بين التراجم والبحوث الدينية. ومن الميسور أن نهتدى إلى علة خلو اللغة الفارسية من التراجم إذا تذكرنا أن اللغة العربية ظلت إلى العصر الصفوى لغة الدين والعلم حتى في إيران والهند، وأن اللغة الفارسية كادت تقتصر على الأدب. ويصعب علينا أن نبين لماذا لم تكتب، ولو بالعربية، تراجم تتصل بالأقاليم الفارسية والتركية.
د- شهد الربع الأول من القرن العاشر الهجرى (الخامس عشر الميلادي) إعادة توزيع القوى في العالم الإسلامي، وكاد هذا الأمر يشمله من أقصاه إلى أقصاه، فقد وطد الأتراك العثمانيون سلطانهم في غربي آسية وشمالى إفريقية حتى حدود مراكش.
وأنشا الصفويون في إيران دولة شيعية كائنة بذاتها، وأقام الشيبانيون دويلات أوزبكية في أواسط آسية، وظهر في الهند بيت المغل، وهب بيت شريف يدفع عدوان الأسبان والبرتغال عن مراكش. وحصل زنج النيجر على نظام إسلامي أكثر وضوحا في عهد السنغوى. وكان لا بد أن تقترن هذه الحركات بترتيب جديد للثقافات وتوجيه آخر للأمور مما خلف آثارا في جميع ألوان الأدب وبخاصة في التأريخ. والحق إن التأريخ العربي هو الذي تأثر أبلغ الأثر بذلك، أما التأريخ الفارسى فقد قاسى من جراء تلك العزلة المذهبية التي كانت عليها فارس. بيد أنه ظهرت بالتركية في ذلك الحين تواريخ تنبض بالقوة والحياة. وعلى الرغم من أن هذه التواريخ ترتبط بما سبقها فإنها تقوم -إلى حد ما- على نهج مبتكر.