العربية. وإن كتاب "الشقائق النعمانية" الذي ألفه قاضى إستانبول أحمد بن مصطفى طاشكبرى زاده المتوفى عام ٩٦٨ هـ (١٥٦١ م) لمن الكتب العمدة في تأريخ الإسلام بتركية، وقد ذيل هذا الكتاب باللغتين العربية والتركية. وبدأ أثر الصلات التي توثقت بين الجماعات الشيعية العربية وبين نظائرها في فارس والهند في عدة معاجم شيعية، ولم يقتصر تأليف هذه المعاجم على العرب وحدهم (انظر الحر العاملى) بل تعداهم إلى الفرس والهنود، وشاهد ذلك ما صنفه محمد باقر موسوى خو انسارى الفارسى ومعاصره الهندى سيد إعجاز حسين القنتورى المتوفى عام ١٢٨٦ هـ (١٨٦٩ م)، وكتبت بالهند أيضًا عدة تراجم في أهل السنة.
وانتشرت الرواية العربية القائمة على التراجم من المغرب حيث ظلت العناية بها موصولة (انظر الوفرانى) إلى غربي السودان فقيض لها فيه نصير نابه الذكر هو أحمد بابا التمبكتى المتوفى عام ١٠٣٦ هـ (١٦٢٧ م) وكان هذا هو حال السودان الشرقي أيضًا إذ خرج منه محمد واد ضيف الله المتوفى عام ١٢٢٤ هـ (١٨٠٩ - ١٨١٠ م) وخلد ذكر الصالحين والفقهاء في مملكة فنج بكتابه المعروف بالطبقات.
٢ - لم تنقطع الصلات العقلية بين فارس وبين الدولة العثمانية والهند انقطاعا تاما عندما اتخذت الدولة الأولى التشييع مذهبا رسميا لها، ولم يكن لهذا الانقلاب الدينى من أثر سوى إبعاد الشقة بين التأريخ في كل من فارس والهند، وثمة ظاهرة أهم من هذه نشاهدها في تدوين التأريخ بهذين القطرين، وهي أن الكتاب كادوا ينفردون بالتأليف فيه، ويندر أن نصادف عالما على شيء من الاستقلال في الرأى أو البعد عن الهوى. فقد خلا الميدان لذلك الكاتب الخاضع الذي يطمس مجموع التفاصيل سديدها وأجوفها بغشاء ثقيل من الشعر العادى والأسلوب المرصع الملئ باللغو. وطبيعى أن هناك ما لا ينطبق عليه هذا القول، وهو أمر مشاهد بصفة خاصة في المؤلفين العديدين الذين صنفوا التواريخ العامة؛ غير أن هؤلاء كانوا من أولئك على طرفى نقيض، إذ هم قد جنحوا إلى