الجفاف والاقتضاب. وإن النظرة العامة إلى ما صنف من التواريخ بفارس والهند في هذه الحقبة لتفصح عن سلسلة مملة من التواريخ العامة والتواريخ المحلية أو الخاصة بالأسر الحاكمة، ويتخلل هذه السلسلة فترات نشط فيها الكتاب وألفوا ما يشبه التراجم بدافع من أصحاب التيجان. وكان بعض هذه الموْلفات على شيء كبير من القيمة، إلا أن أصحابه كانوا يعتبرون التأريخ فرعا من الأدب، وهو ميل تأصل في نفوسهم.
١ - كان جل التواريخ العامة -سواء أكانت مكتوبة في الهند أم في فارس- قليل التنسيق ضئيل الحظ من الابداع؛ وكل ما فيه أن قيمته تنحصر في روايته لحوادث العصر الذي دون فيه. والتبويب بحسب الأسر المالكة هو الشائع في هذه التواريخ، وهي تردف أحيانا بذيل في تقويم البلدان، ومن بين التواريخ التي ليست أيضًا بذات أهمية تأريخ نظام شاهى المتوفى عام ٩٧٢ هـ (١٥٦٥ م) و"تأريخ ألفى" وهو مؤلف متعدد الأجزاء كتب بأمر من أكبر إحياء لذكرى انقضاء ألف سنة على الهجرة، و"صبح صادق" الذي ألفه كاتب الوقائع (واقعه نويس) محمد صادق آزادانى المتوفى عام ١٠٦١ هـ (١٦٥٢ م)، و"خلد برين" الذي كتبه محمد يوسف واله عام ١٠٥٨ هـ (١٦٤٨ م)، ومؤلفات محمد بقاء سهانبورى المتوفى عام ١٠٩٤ هـ (١٦٨٣ م) و"تحفة الكريم" الذي ألفه مير على شيرقانى المتوفى بعد عام ١٢٠٢ هـ (١٧٨٧ م) وفيه ذيل عن السند، وثلاثة مؤلفات فارسية ترجع إلى القرن الأخير (انظر رضا قلى خان وسبهر ومحمد حسن خان). أما كتاب "مرآت الأدوار" الذي ألفه مصلح الدين لارى فترجع أهميته إلى أنه آخر تأريخ عام كتب عن الدولة العثمانية باللغة الفارسية، كما ترجع أهمية التأريخ الذي كتبه حيدر بن علي الرازي عام ١٠٢٨ هـ (١٩١٩ م) إلى ما في تبويبه من إبداع وما يتميز به من بعد عن الصبغة الرسمية.
وقد استخدمت اللغة الفارسية أيضًا في كتابة تواريخ البلاط بدويلات التركمان في أواسط آسية وبقى من هذه التواريخ عدد كبير.