٢ - وقد دعا قيام بيت الصفويين الكتاب إلى تأليف سلسلة من التواريخ الخاصة بالأسر الحاكمة أهمها "أحسن التواريخ" الذي أتمه مؤلفه حسن روملو عام ٩٨٥ هـ (١٥٧٧ م) وهذا الكتاب محدود النطاق بعض الشيء، وتأريخان في عهد عباس الأول الذي حكم من عام ٩٩٥ ألى عام ١٠٣٧ هـ (١٥٨٧ - ١٦٢٧ م)، و"تأريخ عباسى" لمحمد منجم يزدى، والمؤلف الكثير الأسهاب الموسوم بـ"تأريخ عالم آراى عباسى" لإسكندر بك منشى. وقد خلد ذكر نادر شاه بتأريخين ألفهما مهدى خان أستراباذى المتوفى بعد عام ١١٧٣ هـ (١٧٦٠ م). وثانيهما المعروف بـ "درة نادرى" وهو تقليد لوصاف باعتراف المؤلف. وتأريخ ثالث كبير في ثلاثة مجلدات كتبه محمد كاظم، كما خلد ذكر هذا الشاه أيضًا في التأريخ العام الذي ألفه محمد محسن وسماه "مستوفى". أما فتح على شاه الذي حكم من عام ١٢١٢ إلى ١٢٥٠ هـ (١٧٩٧ - ١٨٣٤ م) فقد كتب بأمره ما لا يقل عن ثلاثة تواريخ في الأسر الحاكمة وتأريخ عام. وهذه المؤلفات لا تستوعب بحال كل ما كتب بفارس في هذا العهد من تواريخ الأسر الحاكمة والتواريخ المحلية، وبعض هذه التواريخ يمتاز بصفة خاصة بما يمدنا به من فوائد جليلة عن البلد أو الإقليم الذي تحدثت عنه وبجنوح أصحابها إلى الأسلوب البسيط المألوف، غير أننا إذا نظرنا إلى هذه التواريخ نظرة عامة لألفينا أن قيمتها لا تتناسب وحجمها، وأن الهند ترجحها كثيرا في هذا الشأن.
٣ - وكانت الهند في مستهل العهد المغلى ملتقى روايات ثلاث: الأولى الرواية الهندية المغلية القائمة التي ظلت متصلة منذ العهد السابق (انظر فقرة ج (٢) ٣) والثانية رواية مدرسة هراة (انظر فقرة (٢) ٢) والثالثة هي ذلك اللون الجديد الذي أدخله أباطرة المغل أنفسهم (انظر الفقرة التالية). وقد نشأ من اتحاد هذه الروايات الثلاث رواية تأريخية هندية متميزة، ولو أن قليلا من المؤرخين قد تأثروا بما أنتجه معاصروهم في فارس، وقد ظهر منذ نهاية القرن الثاني عشر الهجرى (الثامن عشر الميلادي) مؤثر آخر مبعثه أولئك العلماء والمستشرقون المقيمون في الهند، إلا أن التغير الذي أصاب منهج التأريخ على يدهم لم يظهر دفعة واحدة.