١، ص ١٩٤ - على مذهب من مذاهب التصوف الإسلامي يكاد يكون شيعيا نشأ في الكوفة، وكان عَبْدَك الصوفى آخر أئمته، وهو من القائلين بأن الإمامة بالتعيين، وكان لا يأكل اللحم، وتوفى ببغداد حوالي عام ٢١٠ هـ (٨٢٥ م) , وإذن فكلمة "صوفى" كانت أول أمرها مقصورة على الكوفة.
وقدر لهذا الاسم أن يكون له شأن خطير فيما بعد، فما انقضى خمسون عاما حتى أصبح يطلق على جميع الصوفية بالعراق في مقابل "الملامتية" وهم الصوفية بخراسان، ثم أخذ هذا الاسم يطلق بعد ذلك بقرنين على جميع أهل الباطن من المسلمين كما هو حالنا اليوم في إطلاق كلمة "صوفى" و"صوفية". وفي غضون ذلك أصبحت لبسة الصوف، أي عباءة من الصوف، وما برحت، من أخص أزياء المسلمين من أهل السنة. واستقبح هذا الزى حوالي عام ١٠٠ هـ (٧١٩ م) فقيل إنه نصرانى دخيل في الإسلام. وقد عابوا على فرقد السبخى تلميذ الحسن البصري هذه اللبسة. وروى الجوبيارى عن النبي أحاديث، يستحب فيها لبس الصوف لرجال الدين.
٢ - أصول التصوف:
والتفاسير الصوفية للقرآن والأحاديث الصوفية عن حياة محمد الباطنة التي لا نعلم عنها إلا القليل، متأخرة في الزمن بعض الشيء حتى ليشك فيها، على أن النزوع إلى التصوف، وما خلا منه قطر من الأقطار أو أمة من الأمم لم يكن يعوز البلاد العربية الإسلامية في القرنين الأولين للهجرة؛ فإذا ما استبعدنا الأساطير المتأخرة، فإنا نجد الجاحظ وابن الجوزي، وهما من القصاص، قد حفظا لنا أسماء نيّف وأربعين زاهدًا عاشوا حقا في ذلك العهد، وكان في إبطانهم العبادات دلائل بينة على حياة التصوف؛ على أنه لم يعد من الجائز أن يقال إن محمدًا [- صلى الله عليه وسلم -] أخرج المتصوفة ابتداءً من الجماعة الإسلامية، إذ لا يخفى على أحد اليوم أن الحديث المشهور "لا رهبانية في الإسلام" - الذي ذهب شبرنكر Sprenger في تفسيره