للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تلك السفينة لغرض له في بحر النيل فطلبت إليه رابعة على سبيل التهكم أن يسمعهم شيئًا من غنائه كما أسمعوه، فأنشد:

أحسن من قينة ومزمار ... في غسق الليل نفحة القارى

يا حسنه والجليد (١) يسمعه ... بطيب صوت ودمعه جارى

وخده في التراب منعفر ... وقلبه في محبة الباري

يقول: يا سيدى ويا سندى ... أشغلنى عنك ثقل أوزارى

وكانت بذلك توبة رابعة على يده.

وعقب على ذلك صاحب دائرة المعارف بقوله:

"ولكن يظهر أن هذه القصة مصنوعة، لبعد العهد بين ذي النون ورابعة كما يعرف من تاريخ وفاتهما".

وشواهد الوضع في هذه القصة كثيرة، فإنا لا نعرف أن رابعة العدوية زارت مصر وإن ابتدعت لها الأساطير قبرا بقرافة الإمام يزار ويتبرك به.

والشعر الذي في الرواية فيه من الغثاثة ومن اللحن ما يقطع الصلة بينه وبين عصر رابعة العدوية ويظهر أوضح ظهور أنه من شعر العصور المتأخرة.

هذا وقد ذكر ما سينيون في مجموعة النصوص المتعلقة بتاريخ التصوف في بلاد الإسلام أن رابعة خطبها أبو عبيدة عبد الواحد بن زيد مع علو شأنه فهجرته أيامًا حتى شفع له إليها إخوانه فلما دخل عليها قالت له: يا شهوانى اطلب شهوانية مثلك، وذكر في كتابه في اصطلاحات الصوفية أن والى البصرة خطبها، وما أظن أن والى البصرة أو عبد الواحد بن زيد كان يرضى أن يخطب امرأة كانت تشرب الخمر في السفن النيلية وتغنى للندمان.

وليس فيما بين أيدينا من المراجع ما يدل على أن رابعة العدوية كانت متزوجة بل المأخوذ من الروايات عن حياتها أنها كانت بعبادتها وحبها لله في شغل عن الزواج والولد، وقد ردّت من خطبها.


(١) الجليد الصقيع، والجليد كالجلد الرجل القوى.