تفسير القرآن؛ وفي كل حال قد حملت المجموعات الحديثية، مقادير مختلفة من هذا التفسير، حتَّى لنرى في صحيح البخاري، كتابين - هما: كتاب تفسير القرآن، وكتاب فضائل القرآن - يشغلان حيزًا واضحًا من الكتاب، ربما كان نحو الثمن منه.
ولعل هذا المعنى من صلة التفسير بالحديث، هو الَّذي يفهم به قول الأستاذ كارادى فو كاتب مادة التفسير في دائرة المعارف الإسلامية، (أنَّه فرع خاص هام من علم الحديث، يعلم في المدارس والجامعات" ... وإلا فإن ما استقر عليه الأمر أخيرًا، في مكان التفسير بين العلوم الشرعية، هو ما سقناه آنفًا مبينًا بالاعتبار الَّذي لاحظوه في تنضيد هذه العلوم؛ ولا يظهر فيه التفسير فرعًا خاصًّا من علم الحديث؛ ولولا حظنا أن التفسير فيما بعد لم يقف عند الرواية وأن القول في التفسير غير النقلى قد اتسع واستأثر بجهد العلماء وعنايتهم؛ لو لاحظنا هذا لوجدنا أن غد التفسير من فروع الحديث لا يظهر له وجه إلا ما أشرنا إليه من هذه النشأة، واتصاله فيها بالرواة والمحدثين.
اشتهر برواية التفسير نفر من الصحابة رضي الله عنهم، ويجتمع من هذه الرواية تفسير منسوب لابن عباس - رضي الله عنه -هو الَّذي طبع باسم " تنوير المقباس من تفسير ابن عباس"، للفيروز أبادى صاحب القاموس المحيط. وحسبنا في التعقيب على هذا ما يروى منسوبا إلى الإمام الشافعي - رضه - من قوله: لم يثبت عن ابن عباس في التفسير إلا شبيه بمائة حديث (١) مع أن هذا التنوير المنسوب إليه مطبوع في نحو أربعمائة صفحة من القطع العادى.
وأكثر ناس من التابعين رواية التفسير؛ وتردد ذكر أسماء منهم، كانت أحكام نقاد الرواية من القدامى عليهم ليست بذاك؛ فالضحاك بن مزاحم الهلالى المتوفى عام ١٠٢ أو ١٠٥ هـ- وإن وثقه نفر، قد قالوا إنه روى عن اب
(١) شذرات الذهب لابن العماد ج ١، وخلاصة تذهيب الكمال في أسماء الرجال ص ١٥٠ طبعة الخرية سنة ١٣٢٣ هـ - والإتقان ج ٢ , ٢٢٤٢.