للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والجمع قلائد). وذكر القرآن (سورة المائدة، الآية ٢، ٩٧) القلائد والهدى من بين مناسك الحج التي شرعها الله. والغرض من التقليد والإشعار تمييز الحيوان الَّذي يضحى به في الحرم وإكسابه ضربًا من الإحرام يظن أنَّه شبيه بإحرام الحجيج. وقريب من هذه الشعيرة، وإن لم يكن عينها، ما جرى عليه الحجاج من التقلد هم وخيلهم بلحاء بعض أشجار الحرم في رجوعهم من الحج، ويسمى هذا اللحاء أيضًا قلادة (١) وثمت رواية شاذة عنها تذهب مذهبًا ينافى العقل فتقول إن التقليد يكون من وقت الخروج إلى الحج وتجعل الشَعْر قلادة وقت الرجوع منه (٢) وما زالت هذه العادة باقية في شعائر الإسلام، ولكن الفقهاء درجوا على معارضتها وإغفالها. وقلادة الهدى على النقيض من ذلك، فهي نعل الحاج أو نعلاه أو قطعة من الأدم إذا أعوزه النعل. وتشترك البَدنَة وعليها الشعار في أهم مناسك الحج، فتقيم مع الحاج في عرفة ثم تذبح في منى. وقد ورد ذلك تفصيلا في حديث عن النبي [- صلى الله عليه وسلم -] ولا يبعد أن يكون محمد [- صلى الله عليه وسلم -] فعل ذلك (٣)، على أن هذا الحديث والأحاديث التي سنذكرها ليست في الأكثر سوى شواهد على شعائر الإسلام في أول عهده. وفي صدر الإسلام اختلف المسلمون في شأن الرجل يبعث بهدية مقلد، إلى مكة ويقعد هو عن الحج، ولعل ذلك من شعائر الإسلام خاصة، وكان العرب يجهلونه أيام وثنيتهم. وهناك أحاديث غلب عليها الاحتجاج بسنّة النبي [- صلى الله عليه وسلم -] تفرض على من يبعث بهديه الإحرام من وقت أن يقلده أو يوصى بتقليدها إلى أن تذبح. وهناك طائفة أخرى أكثر من هذه تذهب إلى أن


(١) هذا الذي حكاه كاتب المادة لا نعرفه، ولم نجد نقلًا عن أحد من العلماء فيه. بل لا نعلم أن أحدًا من المسلمين يعمله فلا ندرى من أين جاء به؟ !
(٢) وهذه الرواية التي سماها شاذة لم نسمع بها أيضًا.
(٣) بل قد ثبت في الأحايث الصحاح أن النبي صلى الله عليه وسلم قلد هديه في حجة الوداع، وشك كاتب المادة في هذه الأحاديث لا يؤثر في صحتها، وأهل العلم بالحديث وعلماء الإسلام أعرف بالصحيح من الضعيف.
أحمد محمد شاكر