قريب جدًّا من معناه الاصطلاحى المتأخر، على أن الطحاوي ظل يتبع التقليد في نقد الأحاديث أو في استنباط أحكام الفقه منها. وإذا تحدد الرأى في المجتهد واكتمل الاعتقاد بتوقف الاجتهاد بالاطلاق منذ القرن الثالث، والاجتهاد بأنواعه الأخرى بعد ذلك بزمن يتفاوت طولا وقصرًا بالنسبة إلى كل نوع، التزم كافة العلماء والعامة بتقليد غيرهم من المتقدمين ويذهب جمهور أهل السنة إلى أن كل شخص ملزم كما كان منذ قرون بما قرره سلفه مسنده، ولا يحق لأحد بعد أن يعد نفسه أهلا لتقرير حكم برأيه في الفقه من غير أن يرجع إلى حكم من سبقه من المجتهدين.
ويقال في الدفاع عن هذا الالتزام بالتقليد أن فقهاء القرون الأولى للإسلام هم وحدهم الذين رزقوا نظرًا ودراية تؤهلانهم لاستنباط أحكام الفقه من أصوله والقول برأى خاص بهم فيها وأن غيرهم من أهل القرون التالية يعجزون عن ذلك عجزًا كبيرًا، وليس هذا القول إلا منحى من مناحى في التاريخ الفلسفى للإسلام على مذهب أهل السنة.
وقد كان للتقليد أثر في تعزيز الخلاف بين المذاهب، ولكنه لم يكن السبب في خمود الحافز إلى التوسع في الفقه في الأزمنة المتأخرة.
وبينما يجمع الجمهور على أن العامى ملزم بالتقليد كالفقيه، إذ يلتزم الفقيه أحيانًا بتبين صحة اجتهاد المجتهد بدليله. وإذا تعدد المجتهدون، وهو الغالب، فللمقلد أن يقلد من يختار (مادام لم يخرج بطبيعة الحال على الإجماع، أي لا يختار اجتهادًا لم يقره الإجماع. ووجوب التقليد قائم أيضًا على الإجماع) وعن أحمد بن حنبل وابن شريح أنَّه يجب عليه النظر في الأرجح فيها واتباعه (والواقع أن هذا الخلاف محصور في الاصطلاح) وللمقلد من الوجهة النظرية أن يختار اجتهادًا جديدًا كلما عرضت له مسألة من المسائل، ولكن المتبع أن