للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المنحرفين في الاعتقادات عن مذاهب السلف وأهل السنة. ومهما اختلفت تعاريفه التي عرفه بها العلماء، فالمراد أنّه العلم الذي يبحث فيه عن الله وصفاته، والرسل وما يجب أن يكونوا عليه، والدار الآخرة وأحوالها، وأخيرًا عما ألحق بهذه المسائل كمسألة الإمامة.

٣ - وقد سمى هذا العلم بأسماء متعددة، منها أصول الدين، الفقه الأكبر كما سماه أبو حنيفة، علم النظر والاستدلال، علم الكلام (١). إلا أن أشهر هذه الأسماء هو علم التوحيد لأن الوصول للوحدانية هو أشرف مباحثه ومقاصده، وعلم الكلام لأن أشهر ما وقع فيه الاختلاف كان مسألة كلام الله أو لأنه يورث من يعانيه قدرة على الكلام في تحقيق عقائد الدين، كالمنطق في العلوم الفلسفية، وخص باسم الكلام للتفرقة بينهما، أولما فيه من الجدل والمناظرة في العقائد والبدع وهي كلام صرف لا ترجع إلى عمل (٢).

٤ - وهذا العلم وإن التبست مسائله بمسائل الفلسفة الإلهية في كتب المتأخرين حتى ظنا علمًا واحدًا على ما سيأتي بيانه، بينه وبين هذه الفلسفة فرق كبير ذلك أنه في الفلسفة الإلهية يبحث العقل بنوره الخاص ويرى حقا ما توصل إليه بالدليل دون نظر إلى ما جاء به الشرع، اما في علم الكلام فالبحث فيه يستند إلى ما جاء عن الدين من العقائد، ثم يلتمس العقل من الحجج العقلية ما يعاضد هذه العقائد التي وجب التسليم بها أولًا عن الشرع، أو بعبارة أخرى مأثورة: "الفيلسوف يستدل ثم يعتقد، والمتكلم يعتقد ثم يستدل"، وكثير ما بين المقامين (٣).


(١) التعريفات للجرجانى، ص ١٢٤ طبعة الأستانة سنة ١٣٢٧ هـ، والمقاصد للتفتازانى جـ ١، ص ٤.
(٢) التهانوى طبعة الأستانة جـ ١ ص ٢٦، والمقاصد جـ ١ ص ٥ وابن خلدون ص ٣٢٨.
(٣) المقاصد جـ ١، ص ٩، وابن خلدون ص ٣٩٢، والتهانوى جـ ١، ص ٢٨.