للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٥ - وقد اقتضت طبيعة هذا العلم الخلاف في مسائل كثيرة ترجع إلى الدين وعقائده، إلا إنّه من الممكن أن نقول إن هذه المسائل ترجع -كما يقول الخوارزمى- إلى اثنتى عشرة مسألة. هذه المسائل هي: حدوث الأجسام للرد على الدهريين القائلين بقدم الدهر، وإثبات أن للعالم محدثا هو الله تعالى، وانه واحد للرد على الثنوية والمثلثة من المجوس والزنادقة والنصارى، وأنه لا يشبهه شيء للرد على المشبهة والمجسمة، والكلام في الرؤية ونفيها وإثباتها، والكلام في الصفات للرد على المعطلة، والكلام في أفعال العباد وهل يخلقها الله أو العباد أنفسهم، وأنه تعالى يريد القبائح أو لا يريدها، وحكم مرتكب الكبيرة ومعنى هذا الكلام في الأيمان وحده وماهيته، والدلالة على النبوة بصفة عامة ردا على البراهمة وغيرهم من مبطليها والدلالة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم خاصة، والقول في الإمامة ومن يصلح لها. هذه هي أصول الدين -كما يرى الخوارزمى- التي تدور عليها بحوث المتكلمين وخلافاتهم، وما عداها ففروع منها أو مقدمات وتمهيدات لها (١).

٦ - وبسبب الخلافات في أكثر هذه المسائل نشأت الفرق الإسلامية المختلفة التي سجلتها كتب علم الكلام، وهي فرق متعددة يجتمع بعضها أحيانا ويفترق أحيانا، كما قد ينضوى الكثير منها تحت لواء فرقة واحدة. من أجل ذلك يمكن حصر الفرق الأصول في ست، هي: أهل السنة، والمشبهة المجسمة، والمعتزلة، والمرجئة، والخوارج، والشيعة. ومن يرد استقصاء أمر هذه الفرق ومعرفة ما انقسمت إليه كل فرقة منها يجد طلبته على حبل الذراع منه في كتاب الملل والنحل للشهرستانى، والفصل في الملل والنحل لابن حزم، ومقالات الإسلاميين للأشعرى، ومفاتيح العلوم للخوارزمى (٢) وغيرها من


(١) مفاتيح العلوم طبع ليدن ص ٣٩ - ٤١
(٢) الطبعة المذكورة ص ٣٤ وما بعدها. وقد جعل الإسفرايينى في التبصير ص ١٥ - ١٦ وابن حزم في الفصل ب ٢ ص ١١١ الفرق الأصول خمسًا لا ستًّا. ولكنى زدت عليها المشبهة التي عدها الخوارزمى لأنهم جماعة لهم مذهبهم الخاص في الذات والصفات.