للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المؤلفات التي عنيت بهذا العلم وتاريخه.

نشأته:

لم ينشأ هذا العلم كاملًا مرة واحدة بل كان- شأنه شان العلوم الأخرى- محدود الدائرة في أول أمره، ثم أخذ يتسع وينمو شيئًا فشيئا تابعًا سنة النشوء والارتقاء، ومتاثرًا بعوامل مختلفة عملت على خلقه وإنمائه، حتى نضج وكمل وصار على ما نعرفه اليوم. هذه العوامل كان منها ما يتصل بالقرآن والحديث، وما يتصل بمن دخل في الإسلام من أمشاج من الأمم المختلفة في العقلية والثقافة. وما يتصل بما نقل للعربية من فلسفة اليونان وغير اليونان.

١ - القرآن وهو الكتاب الأول للإسلام يدعو إلى التفكير والنظر وينعى على التقليد والمقلدين، لذلك كان لا بد للمسلمين من أن يجيلوا العقل والرأى في القرآن نفسه وفي السنة التي جاءت تقريرا له وإيضاحًا. إلا أنهم- والرسول بين ظهرانيهم- كانوا في غير حاجة لكثير من التعمق في فهم القرآن، فكانوا يستفتونه فيما لا يفهمونه فيهديهم سواء السبيل، ولما لحق النبي صلى الله عليه وسلم بربه وظهرت مشكلة الخلافة وحدثت فتنة عثمان وعلى رضي الله عنهما، كان ذلك مما استدعى الخلاف والجدل والحجاج. اختلفوا في الإمامة وشروطها ومن أحق بها، فكان منهم الشيعة الذين يقصرونها على على وسلالته، والخوارج ومعهم المعتزلة الذين يرونها حقًّا لأصلح المسلمين ولو كان عبدًا، والمعتدلون- وهم الجمهرة الغالبة الذين يجعلونها للأصلح من قريش. ثم اختلفوا - بعد أن استحر القتل بينهم في فتنة عثمان وعلى- في الكبيرة ما هي، وفي حكم مرتكبها أمؤمن هو أم كافر، واستتبع هذا طبعًا الخلاف في الإيمان وحده، فكان من هذا الخلاف خوارج ومرجئة ثم فيما بعد معتزلة، وهكذا أصبح هذا الخلاف دينيًّا بعد أن كان أول أمره