للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سياسيًا فصار من مباحث علم الكلام الهامة، كما صارت الإمامة مبحثًا هامًا آخر مع أنها بالفقه أليق لأنها هن الأحكام العملية دون الاعتقادية، إذ قصاراها أنها قضية مصلحية- تتعلق بمن يصلح لإدارة أمور المسلمين- لا اعتقاديه تتعلق بأصل من أصول الدين. ولكن لما غالت الإمامية والروافض والخوارج فيها، وكان لبعضهم فيها آراء تكاد تقضى إلى رفض كثير من قواعد الإسلام، ألحقها المتكلمون بعلم الكلام لتبحث بحثًا بعيدًا عن التعصب والهوى ويتبين منه الحق من الباطل صونًا للعقائد الدينية الصحيحة (١).

٢ - ولما استقر المسلمون بعد الفتوحات، ودخل هن دخل في الإسلام من أرباب الديانات المختلفة، عكف المسلمون من جهة على فهم القرآن والتعمق في هذا الفهم، ومن جهة أخرى أثار بعض هؤلاء الذين التحقوا بالإسلام- دون أن يتبطنوه - كثيرًا من عقائدهم الدينية التي جرت منهم مجرى الدم، وصاروا يتجادلون حولها ويجادلون المسلمين فيها. في هذه المرحلة نجد الآيات المتشابهة في القرآن يستعرضها المفكرون ويحللونها، ويحاول كل أن يخضعها لما يرى من راى؛ إما بأخذها على ظواهرها، وإما بتأويلها تنزيها لله تعالى عما يوهم التشبيه في الذات أو الصفات، وإما بالإيمان بها كما جاءت دون تعرض لها بتفسير أو تأويل. وكانت نتيجة هذه المواقف من دلك الآيات ظهور فرقة المشبهة والمجسمة، فرقة المعتزلة المعطلة النافية للصفات مبالغة في التنزيه، والصفاتية وهم جمهور السلف الذين بين بين (٢). كما نجد- من ناحية اخرى- إنّه لما استفحل شر الملاحدة الذين كان دأبهم نشر الألحاد بين المسلمين وترجمة كتب الثنوية وغيرهم من أصحاب المقالات الضالة، انتدب علماء الجدل من المتكلمين أنفسهم لدحض تلك


(١) المقاصد، ب ٢ ص ١٩٩ - ٧٠٠، ابن خلدون ص ٢٦٨
(٢) ابن خلدون ص ٣٦٧. والشهرستانى في الملل والنحل جـ ١ هـ ١٦٦.