للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

شأن الموضوع في العلمين فحسبوه فيهما واحدًا من اشتباه المسائل فيهما (١)، مع أن الحق اختلاف العلمين في الموضوع والمنهج كما أشرنا من قبل.

ويرى العلامة ابن خلدون في مقدمته (ص ٣٦٩) أن الغزالى أول من كتب طريقة الكلام على هذا المنحى، أي الذي يتضمن الرد على الفلاسفة، لكنى أجدنى مضطرًا لمخالفته فيما ذهب إليه، هذا لأنه بالرجوع إلى بعض مؤلفات إمام الحرمين، مثل الإرشاد في قواعد الاعتقاد (٢) يتبين أن الغزالى استقى منها في الرد على الفلاسفة. ويكفى أن يرجع الباحث إلى مبحث القول في العالم (٣) ومبحث إثبات العلم للصانع (٤) ليعلم مقدار ما استفاد الغزالى من أستاذه في الرد على الفلاسفة، وإذن فلايكون هذا أول من أدخل في كتاباته في هذا العلم الرد على ماذهب إليه الفلاسفة من آراء لا تتفق في رأيه والدين (٥).

أهم الفرق الكلامية:

هكذا -كما رأينا- نشأ علم الكلام، ونما وتطور من حال إلى حال حتى صار على ما نرى اليوم. فلنذكر بعد هذا كلمة قصيرة عن كل من الفرق الكلامية التي لها خطر وتاريخ.

ونرى من الخير أن نتناول الحديث عن المشبهة والمعتزلة والأشاعرة معًا لارتباطهم في مسائل كثيرة، كان لكل من الفرقتين الأوليين فيها رأى خاص على النقيض من رأى الأخرى، وكان رأى الأشعرى والأشاعرة وسطًا بينهما.

١ - جاء في القرآن آيات تدل بظاهرها على أن لله وجهًا ويدين، وجهة هي السماء، ومكاناً هو العرش، ونحو ذلك مما يوهم التشبيه والجسيمة والنقلة؛ واخرى تثبت له صفات مختلفة


(١) ابن خلدون ص ٣٦٩
(٢) مخطوط بدار الكتب برقم ٨١٩ توحيد.
(٣) الكتاب المذكور من الورقة السابعة.
(٤) نفسه، الورقة الثانية عشرة.
(٥) من الحق أن أقرر أن خالى العلامة المرحوم الشيخ حسين والى تبع ابن خلدون في رايه الذي أخالفه فيه. وذلك في موْلفه"كتاب التوحيد" ص ٥٧.