وفكرت -ككل شاعر- يجب أن يدرس في عصره وفي محيطه إنصافًا له، فهو أستاذ متضلع في النظم وهو خالق النهضة التركية وأكبر ممثل للمدرسة المستغربة، وقد تخلص العصر السابق الذي كان يمثله كمال وحامد وإكرم من غلبة القوالب العربية والفارسية ولكنه أبقى على الروح الشرقية.
وكان العبء الملقى على هذا العصر هو التخلص من النظرة الإسلامية للحياة وإحلال النظرة الغربية -أو قل الفرنسية- مكانها، وقد تأثر فكرت بالأدب الفرنسى فاستقى من فرانسواكوبيه Francois Coppee والكونت ده ليل صولى يرودوم Sully Prudhc, كما اغترف من موسيه Musset ولامرتين وبودلير Baudelaire وفرلين Verlaine.
وابتكر فكرت لغة شعرية جديدة، واصطنع قواعد جديدة للقوافى على أساس أن القافية لا يقضد بها إلى العين كما هو الشأن عند إكرم وعبد الحق حامد وإنما يقصد بها إلى الأذن، ووفق - بفضل سلامة ذوقه وسداد رأيه- إلى ترقية اللغة مبنى ومعنى وفق الأساليب التركية، فقضى بذلكُ على الفوضى اللغوية وصب في القوالب التركية الدخيل من الكلمات والقوافى، وإن لم يعترض من حيث المفردات على ازدحام التركية بالألفاظ العربية والفارسية.
ولذلك نجد في شعره الكثير من الألفاظ الغريبة غير التركية. وأسدى فكرت للغة الشعر ما أسداه نامق كمال للنثر. وعممت القواعد التي وضعها وانتهجها حتى لم يعد أحد يستشعر أنها كانت من المبتدعات. وكان جل اهتمامه موجهًا إلى اللغة من هذه الناحية، ففاق بذلدُ غيره من الشعراء. وهو يشبه من حيث سلامة اللغة معلم ناجى ويبزهم جميعا في امتلاكُ ناصيتها. ويشبه أيضًا بلاتن Platen بعض الشبه فلغته بليغة ونظمه برئ من الخطأ حتى أن خصوم "الانحطاط"- مثل أحمد مدحت- لم يأخذوا عليه هفوة، وعبارته مصقولة كالمرمر لا روح فيها.
وظهرت سماته الخاصة به حتى في غزلياته الأولى كان خضع بكليته لسلطان المدرسة القديمة. وزاد امتلاكه